الأعمال كفراً، فلذلك لا يُكفِّرون بالأعمال ولكن يقولون: العمل الذي ثبت بأنه كفر في الكتاب والسنة هو دليل على ما في القلب من كفر.
فمسألة الإرجاء شيء ومسألة العذر بسوء التربية شيء آخر تماماً.
لكن هو قولٌ خطأ باطل، القول بالعذر بسوء التربية قولٌ خطأ، والذي يدل على أنه خطأ أمران: الأول: أنه لم يدل دليل من الكتاب والسنة يدل عل أن سوء التربية عذر يمنع التكفير؛ كالجهل والنسيان والخطأ وغيرها مما ثبت بالأدلة الشرعية.
الأمر الثاني: أنه ورد في السنة ما يدل على أن سوء التربية ليست مانعاً من موانع التكفير، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه» (١).
فهذا المولود ولد على الفطرة، والذي أفسد فطرته أبوه وأمه، فلم يكن هذا له عذر بعدما بلغ؛ تنصر أو تهود بسوء التربية، ولكن بعد أن بلغ وبلغته الرسالة لم يعد سوء التربية عذراً له على ما وقع فيه؛ لأن الرسالة وصلته ولم يبال بها.
كذلك ساب الله وساب رسوله بما أنه قد قامت عليه الحجة، وهو يعلم أن سب الله وسب رسوله غير جائز محرم، وفيه استخفاف واستهتار برب العالمين وبرسوله صلى الله عليه وسلم فلا عذر له، فمجرد أن يسب الله أو يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفر ويخرج من ملة الإسلام، إذا كان مكلفاً عاقلاً مختاراً قاصداً للفعل.
لزم التنبيه حتى لا نقع في الخطأ الذي وقع فيه غيرنا.
ثم السادس: الزنديق هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وهذا كافرٌ في الباطن ولكن لا يقتل حتى يظهر كفره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يقتل المنافقين الذين كانوا في زمنه، فهو زنديق يبطن الكفر ويظهر الإسلام ولكنه يعامَل على ما يُظهر، حتى يظهر خلافه.
قال المؤلف: بعد استتابتهم
أي لا يقتلون حتى تُعرض عليهم التوبة، فإن تابوا فلا يُقتلون وإلا قتلوا.
وهذه المسألة محل خلافٍ بين أهل العلم، هل تجب الاستتابة أم تُستحب، المؤلف استدل عليها بحديث ضعيف لا يصح.
قال ابن قدامة في المغني: لا يقتل - يعني المرتد- حتى يستتاب ثلاثاً، هذا قول أكثر أهل العلم؛ منهم عمر، وعلي، وعطاء، والنخعي، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق،
(١) أخرجه البخاري (١٣٥٩)، ومسلم (٢٦٥٨).