للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف رحمه الله: (يَجبُ على المُكلَّفِ المُختارِ العَامدِ، إنِ اختارَ ذلك الوَرثةُ؛ وإلَّا فَلَهُم طَلبُ الدِّيةِ)

القصاص بالمعنى المتقدم واجب؛ لقول الله تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة/١٧٨]، وقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِيْ الأَلْبَابِ} [البقرة/١٧٩]، معنى هذه الآية أن الناس إذا علموا أن الشخص منهم إذا قَتَلَ قُتِل، امتنعوا عن القتل، فيكون في ذلك بقاءٌ للنفوس، بقاء لمن هم بالقتل، وبقاء لمن أراد قتله، لمن فكَّر في القتل إذا علم أنه سيقتل إذا قتل يوجد قصاص؛ سيمتنع عن القتل؛ فتُحفظ بذلك نفسه وتُحفظ أيضاً نفس من أراد قتله.

ولما منعت الكثير من الدول اليوم هذا الحكم الشرعي؛ دب فيهم الفساد وكثُر القتل بين الناس.

ويدل على وجوب القصاص أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة» (١) الشاهد: قوله: النفس بالنفس، فإذا قتل أحد يُقتل بمن قتله.

والقاتل الذي يجب عليه القصاص هو المكلف المختار، لرفع القلم عن غير المكلَّف، غير البالغ الذي هو الصغير هذا مرفوع عنه القلم؛ كما جاء في الحديث، «رفع القلم عن الصغير حتى يحتلم» (٢). وكذلك العاقل، المجنون مرفوع عنه القلم، في نفس الحديث رُفع القلم عن المجنون حتى يفيق» فلا بد أن يكون القاتل مكلفاً حتى يقام عليه حد القصاص.

والمختار: أخرج المكره، لكن هنا المكره فيه تفصيل فليس كل مكرهٍ يكون معذوراً ولا يُقتص منه.

والعامد: أي الذي تعمد القتل وقصده، أخرج بذلك قتل شبه العمد وقتل الخطأ، هذا ليس فيه قصاص وسيأتي إن شاء الله تفصيله.


(١) متفق عليه، تقدم.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>