المقصود باللوث: ما يغلب على الظن صدق المدّعي، بأن يوجد القتيل بين قوم من الأعداء مثلاً ولا يخالطهم غيرهم، أو اجتمع جماعة في بيت أو في صحراء وتفرقوا عن قتيل، فإذا كان القتيل في بلدة أو في طريق من طرقها أو قريباً منها أجريت القسامة على أهل تلك البلدة.
وكيفيته: أن يَختار وليُّ المقتول خمسين رجلاً من هذه البلدة؛ ليحلفوا بالله أنهم ما قتلوه، ولا علموا له قتيلاً.
فلا هم قتلوه ولا يعرفون مَنْ قتله.
فإن حلفوا سقطت عنهم الدية.
وإن امتنعوا وجبت ديته على أهل تلك البلدة جميعاً.
وإن التبس الأمر كانت ديته من بيت مال المسلمين.
ودليلها ما أخرجه البخاري ومسلم عن سهل بن أبي حثمة أن عبد الله بن سهل ومُحَيِّصَة خرجا إلى خيبر من جَهدٍ أصابهم- من جهد يعني فقر ومشقة وتعب بسبب قلة ذات اليد- فأُخبر محيصة أن عبد الله قُتل وطرح في فقيرٍ أو عين- فقير حفرة من الحفر التي كان يغرس فيها الفسيل أو عين ماء يشرب منها- فأتى يهود فقال: أنتم والله قتلتموه، قالوا: ما قتلناه والله، ثم أقبل حتى قدم على قومه - محيصة اتهم اليهود فأنكر اليهود وحلفوا أنهم ليسوا هم، فرجع محيصة إلى قومه - فذكر لهم، وأقبل هو وأخوه حُوَيِّصة - وهو أكبر منه- وعبد الرحمن بن سهل، فذهب ليتكلم- يعني محيصة جاء هو وحويصة وعبد الرحمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحويصة أكبر من محيصة، فأراد محيصة أن يتكلم كونه هو الذي كان مع أخيه الذي قتل- وهو الذي كان بخيبر فقال النبي لمُحَيِّصَة:«كبِّر كبِّر» -أي قدِّم في الكلام من هو أكبر سناً- يريد السن، فتكلم حُويِّصة ثم تكلم مُحَيِّصة، فقال رسول الله:«إما أَنْ يَدُوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحربٍ» - بالنسبة لليهود إما أن يدفعوا دية صاحبكم أو الحرب- فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم به، فكُتب: ما قتلناه، -كتب النبي صلى الله عليه وسلم لليهود، فكتبوا أننا لم نقتله- فقال رسول الله لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن:«أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ » قالوا: لا. قال:«أفتحلف لكم يهود؟ » قالوا: ليسوا بمسلمين. فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده مائة ناقة حتى أُدخلت الدار (١).
وفي رواية عند مسلم قال:«أتحلفون خمسين يميناً؟ »، قال:«فتبرِّئكم يهود بخمسين يمين».
وفي رواية أخرى عند مسلم:«يقسم خمسين منكم على رجلٍ منهم»، أي خمسين واحد منكم يقسموا أن واحداً منهم هو الذي قتله.