هذا الاستدلال باطل؛ لأنهم يستدلون بأدلة عامة، ونحن عندنا أدلة خاصة، والدليل الخاص بالاتفاق يكون مقدَّماً على الدليل العام.
فعندنا أدلة خاصة تخص الحاكم في كيفية التصرف معه عندما نرى منه منكراً، وهو الصبر عليه، والصبر عليه يكون بأن تؤدوا ما عليكم، وتسألوا الله ما لكم، كما جاء في حديثٍ آخر، فلا يجوز الخروج على الحاكم إلا أن نرى منه كفراً بواحاً، وعندنا قدرة على إزالته.
وأما النصيحة لهم فلقول النبي صلى الله عليه وسلم:«الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ:«لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»(١)
قال النووي رحمه الله: وأما النصيحة لأئمة المسلمين، فمعاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وأمرهم به، وتنبيهم وتذكيرهم برفق ولطف، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين، وترك الخروج عليهم، وتألف قلوب الناس لطاعتهم. قال الخطابي رحمه الله: ومن النصيحة لهم: الصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة، وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى لهم بالصلاح. انتهى.
قال المؤلف رحمه الله:(وعَليهمُ الذَّبُّ عن المُسلمينَ، وكَفُّ يَدِ الظَّالِمِ، وحِفظُ ثُغُورِهِم، وتَدبِيرُهُم بِالشَّرعِ في الأَبدَانِ، والأَديَانِ، والأَموَالِ، وتَفرِيقُ أَمْوالِ اللهِ في مَصَارِفِهَا، وعَدَمُ الاستِئثَارِ بِمَا فَوقَ الكِفايةِ بِالمَعرُوفِ، والمُبالَغةُ في إِصلاحِ السِّيرِةِ والسَّرِيرَةِ)
هذا ما يجب على الحكام مع شعوبهم ومع المسلمين.
الثغور: هي المواضع التي تَقْرُبُ من العدو، فيخاف أهلها منهم؛ كالحدود التي تكون مع دولة عدوة.
والاستئثار: تخصيص النفس بالشيء، فلا يجوز لهم أن يخصصوا أنفسهم بالأموال والخيرات ولا يعطوا المسلمين حقوقهم.