للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خلافاً لبعض الكتاب المعاصرين العقلانيين الذين يصححون ويضعفون بعقولهم وأهوائهم؛ كما فعلوا بحديث البخاري:

" ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَ [والخمر] والحرير والمعازف .. " الحديث، وبغيره.

ومنذ أيام قريبة قيض لي أن أرى في التلفاز والمذيع يعلن عن وفاة شيخ مصري مشهور، صورة ذاك الشيخ وهو يلقي كلمة في بعض المؤتمرات؛ يقول فيها: وقد صح - أو قال: ثبت - عندي أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: " أحِبُّوا الله لما يغذوكم من نعمه … ". ثم رأيته بكى واضطرب، فقطع البث.

وكان هو قد بيَّن وجهة نظره في تصحيح الحديث في مقدمة كتاب له في " السيرة ": أنه يكفي عنده أن يكون معناه " متفقاً مع آية من كتاب الله، أو أثر من سنة صحيحة "! وقد كنت رددت عليه في بعض لقاءاتي معه: أن هذا لا يكفي عند أهل العلم في تصحيح المتن، ونسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، خشية الوقوع في وعيد قوله -صلى الله عليه وسلم-: " من قال عليَّ ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار ".

ورجوت منه أن يعيد النظر في موقفه هذا، فوعد خيراً، ولكنه لم يفعل؛ بل إنه استمر على ما عاش عليه. غفر الله له!

من أجل ذلك بادرت إلى البحث عن الحديث، والنظر في سنده؛ لنكون على بينة من أمره، فكان ما رأيت من الضعف في سنده، والنكارة في متنه، ومخالفته لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ويرى القراء أن الدكتور الفاضل لم يذكر جملة: " فنزع درعاً كانت عليه فقذفها "، فلا أدري أسقطت من قلمه أو حافظته، أو أنه لاحظ ما تقدم بيانه من النكارة؛ فلم يستجز روايتها، وفي جريدة سيّارةٍ.

وعلى كل حال؛ فهنا سؤال يطرح نفسه - كما يقول بعضهم اليوم -: هل يجوز رواية مثل هذا الحديث المنكر سنداً ومتناً، ونشره على الناس

<<  <   >  >>