للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الثاني:

أنه لو صحّ ذلك عن هذا التقيّ لما قوي شعره وجهاده ضد كفار العرب وذلكم أن الشعراء لا تجد واحداً منهم يُغفل مثل هذه الخصال المذمومة حتى يهجو من كان خصماً له وخصوصاً من شعراء الإسلام.

يقول الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله- (١) ناقلاً عن بعض من أنكر ذلك: (وقالوا: لو كان حقاً لهجي به، فإنه قد هجا قوماً فلم يهجه أحد منهم بالجبن، ولو كان ذلك لهجي به).

يقول الإمام السهيلي -رحمه الله- (٢) ناقلاً عن بعض الأئمة: (وقال: لو صحّ هذا لهجي به حسّان، فإنّه كان يهاجي الشعراء كضرار وابن الزبعريّ وغيرهما، وكان يناقضونه ويردون عليه، فما عيّره أحد منهم بجبن، ولا وسمه به، فدلّ هذا على ضعف حديث ابن إسحاق).

وأدق من ذلك أن تلكم الفرية -لو صح خبرها- لهجي حتى ابنه عبد الرحمن فقد كان معروفاً بالشعر أيضاً.

يقول الإمام ابن عبد البر -رحمه الله- (٣): (و لو صحّ ذلك لهُجي بذلك ابنه عبد الرحمن، فإنه كان كثيراً ما يهاجي الناس من شعراء العرب مثل النجاشي وغيره).

الوجه الثالث:

ولو سلمنا جدلاً وقلنا بصحة هذا الخبر تنزلاً: لما جاز لأحد أن يصف هذا الصحابي الشجاع والتقيّ المقدام بهذه الصفة المشينة التي تردها الطباع الحسنة.


(١) الاستيعاب (١٩٢).
(٢) الروض الأنف (٣/ ٤٣٢ - ٤٣٣).
(٣) انظر: الدرر في المغازي والسير لابن عبد البر ص (١٧٥).

<<  <   >  >>