قال: حدثنا أبو عاصم قال: قال لي سفيان الثوري: قال لي الكلبي: ما سمعته مني عن أبي صالح عن ابن عباس؛ فهو كذب.
ورجال هذا الإسناد ثقات؛ على ضعف في عبد الملك هذا - وهو الرقاشي -، وليس لفظه صريحاً بالاعتراف المذكور، لاسيما وقد رواه ابن أبي حاتم (٣/ ٢٧١): أخبرنا عمر بن شبة بلفظ: زعم لي سفيان الثوري قال: قال لنا الكلبي: ما حدثت عني عن أبي صالح عن ابن عباس؛ فهو كذب؛ فلا تروه.
وهذا إسناد صحيح؛ فهو يحتمل أن الكذب من أبي صالح؛ وهو المسمى (باذام) أو (باذان) مولى أم هانئ وهو صاحب التفسير الذي رواه عن ابن عباس، ورواه عنه الكلبي هذا؛ كما في "طبقات ابن سعد"(٦/ ٢٩٦)، وهو ضعيف، أو أشد. انظر "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(رقم ٢٢٥)، فكأن الكلبي يتهم بذلك أبا صالح نفسه! ويرجح هذا رواية أخرى عند ابن حبان أيضاً (٢/ ٢٥٥) بإسناده المتقدم بلفظ: .. عن سفيان قال: قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: كل ما حدثتك فهو كذب.
ويقويه رواية يحيى بن سعيد عن سفيان قال: قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: كل شيء حدثتك؛ فهو كذب.
أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير"(١/ ١/ ١٠١): قال لنا علي: حدثنا يحيى بن سعيد. وكذلك رواه في "التاريخ الصغير"(ص ١٥٨).
وهذا إسناد صحيح غاية؛ فهو أصح من الأول، لاسيما والرواية الأخرى منه بمعناه؛ فهو المعتمد.
وقد سقط من رواية "الميزان"(تحقيق البجاوي) قوله: "قال لي أبو صالح"؛ فصارت العبارة فيه: كل ما حدثتك عن أبي صالح؛ فهو كذب!
والخلاصة: أن القائل: "كل شيء حدثتك فهو كذب"؛ إنما هو أبو صالح؛ وليس هو الكلبي، وإنما هو الراوي لذلك عن أبي صالح، ولذلك؛ حذر من التحديث بذلك بقوله للثوري: فلا تروه.