للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[٥. الرسول - صلى الله عليه وسلم - يساوي بين دماء الضعفاء والأقوياء.]

عن عليّ - رضي الله عنه -، أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ). (١)

قال ابن بطال: قد ساوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الناس جميعًا، فقال: المؤمنون تتكافأ دماؤهم، فساوى بين الجميع في الدماء، فوجب أن يكون حكمهم فيما دون الدماء سواء. (٢)

قال البغوي: وقوله يسعى بذمتهم أدناهم، يريد أن العبد ومن كان في معناه من الطبقة الدنيا كالنساء والضعفاء الذين لا جهاد عليهم إذا أجاروا كافراً أمضي جوارهم ولم تخفر ذمتهم.

وقوله وهم يد على من سواهم، فإن معنى اليد المعاونة والمظاهرة إذا استنفروا وجب عليهم النفير، وإذا استنجدوا، أنجدوا ولم يتخلفوا ولم يتخاذلوا. (٣)

من فقه الحديث:

أ. ذوو الاحتياجات الخاصة وأهل العافية قيمة حياتهم متساوية.

ب. دية الواحد من ذوي الاحتياجات الخاصة كدية الواحد من أهل العافية.

ج. لذوي الاحتياجات الخاصة حق اتخاذ القرار كغيرهم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويسعى بذمتهم أدناهم.

[٦. قرب النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذوي الاحتياجات الخاصة.]

عَن أَنسٍ - رضي الله عنه -: (أَن امرأَةً كان في عقلها شيءٌ، فقالت: يا رسول الله إِن لي إِليك حاجة، فقال: يا أُمَّ فُلان انظُري أَيَّ السِّكَكِ شِئتِ، حتى أَقضي لك حاجتك، فخلا معها في بعض الطرق، حتى فرغت من حاجتها). (٤)

قال النووي: بروزه صلى الله عليه وسلم للناس وقربِهِ منهم، ليصل أَهل الحقوق إِلى حقوقهم، ويرشد مسترشدهم ليشاهدوا أَفعاله، وحركاته فيقتدى بها، وهكذا ينبغي لولاة الأُمور، وفيها صبره صلى الله عليه وسلم على المشقة في نفسه لمصلحة المسلمين، وإِجابته مَنْ سأَله حاجةً، وبيان تواضُعِه بوقوفه مع المرأَة الضعيفة "خَلَا معها في بَعضِ الطرق" أَي وقف معها في طريق مسلوك ليقضي حاجتها، ويفتيها في الخلوة، ولم يكن ذلك مِنَ الخَلوةِ بالأَجنبيّة فإِن هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إِياه وإِياها، لكن لا يسمعون كلامها لأَن مسأَلتها مما لا يظهره واللهُ أَعلم. (٥)


(١) - النسائي، المجتبى من السنن = السنن الصغرى، كتاب القسامة، باب القودِ بين الأَحرار والمماليك في النفس، ج ٨، ص ٢٠، حديث رقم: ٤٧٣٥. حكم الألباني صحيح.
(٢) - انظر، ابن بطال، شرح صحيح البخاري لابن بطال، ج ٧، ص ٢٤٤.
(٣) - انظر، ألبغوي، معالم السنن، ص ٣١٤.
(٤) مسلم، صحيح مسلم، كتاب الْفَضَائِل، باب قرب النبي علَيه السلام منَ الناس وتبركهم بِه، ج ٤، ص ١٨١٢ حديث رقم ٢٣٢٦.
(٥) - انظر، النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، (توفي: ٦٧٦ هـ)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط ٢، ١٣٩٢ هـ، ج ١٥، ص ٨٢ - ٨٣.