للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• المطلب الثاني: العبرة بسلامة القلوب والسرائر لا بسلامة الأجساد والمظاهر.

لقد بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الإنسان مكرمٌ عند الله عز وجل سواء في ذلك ذوو الاحتياجات الخاصة أم غيرهم من أهل العافية، وجعل مناط التفضيل بينهم مبنياً على التقوى والإيمان لا على الأشكال والألوان ومما ورد في هذا المعنى:

[١. مناط التفضيل بين الناس تقوى الله عز وجل.]

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم). (١)

هذا الحديث يدل على ما يدل عليه قول الله تعالي: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات: ١٣].

قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "فالله سبحانه وتعالي لا ينظر إلي العباد إلى أجسامهم هل هي كبيرة أو صغيرة، أو صحيحة، أو سقيمة، ولا ينظر إلى الصور، هل هي جميلة أو ذميمة، كل هذا ليس بشيء عند الله، وكذلك لا ينظر إلى الأنساب، هل هي رفيعة أو دنيئة، ولا ينظر إلى الأموال، ولا ينظر إلى شيء من هذا أبدا، فليس بين الله وبين خلقه صلة إلا بالتقوى، فمن كان لله أتقى كان من الله أقرب، وكان عند الله أكرم، لذاً لا تفتخر بمالك، ولا بجمالك، ولا ببدنك، ولا بأولادك، ولا بقصورك، ولا سياراتك، ولا بشيء من هذه الدنيا أبداً، إنما إذا وفقك الله للتقوى فهذا من فضل الله عليك فأحمد الله عليه، قوله عليه الصلاة والسلام: "ولكن ينظر إلى قلوبكم" فالقلوب هي التي عليها المدار". (٢)

من فقه الحديث:

أ. أن نجعل هذا الحديث ميزانا عند تقييمنا لأي إنسان.

ب. إصابة القلوب اشد وأعظم من إصابة الأجسام فالإصابة في الأجسام يؤجر عليها الإنسان أما الإصابة في القلوب فتغضب علام الغيوب.

ج. بالقلب السليم تدخل جنة النعيم.


(١) - مسلم، صحيح مسلم، كتاب الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ، وَخَذْلِهِ، وَاحْتِقَارِهِ وَدَمِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَالِهِ، ج ٤، ص ١٩٨٦، حديث رقم ٢٥٦٤.
(٢) - ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، ج ١، ص ٦٠.