للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخير أَو شرٍّ إلا ويجدُ مَنْ هو أَعظَمُ مِنهُ بَلِيَّةً فَيَتَسَلَّى به، ويَشكُرُ ما هو فيه مما يرى غَيرهُ ابتُلي به، وينظر الى مَنْ هو فوقه في الدِّينِ، فيعلمُ أَنهُ مِنْ المُفرطينَ فبِالنَّظَرِ الأَول يشكُرُ ما للهِ مِنْ النعم وبالنظر الثاني يستحي مِن مولاهُ ويَقرعُ بابَ المتابِ بأَنامل النَّدم فهو بالأَول مسرورٌ لنعمة اللهِ وفي الثانِي منكسرُ النفسِ حياءً مِن مَولاهُ. (١)

من فقه الحديث:

أ. في أمور الدنيا انظر الى من هو دونك تعرف فضل الله عليك.

ب. الدِين والإيمان خير من المال وسلامة الاجسام.

ج. إرض باختيار الله فهو خير لك.

[٨. استعن على البلاء بالدعاء.]

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ من جَهْد البلاء ودَرْك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، قال سفيان: الحديث ثلاثٌ زِدتُ أنا واحدةً لا أدري أيتُهُنَّ هي). (٢)

قال ابن عثيمين: هذه أربعة أشياء أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نتعوذ منها، أولا: جهد البلاء أي من البلاء الذي يبلو الجهد أي الطاقة، والبلاء نوعان بلاء جسمي كالأمراض وهو ما يصيب الأعضاء، وبلاء ذِكْري معنوي بأن يبتلى الإنسان بمن يتسلط عليه بلسانه فينشر معايبه ويخفي محاسنه، فهذا من البلاء الذي يشق على الإنسان، فيتعوذ الإنسان بالله من جهد البلاء، وربما يكون أيضا من البلاء قسم ثالث وهو ما يبتلي الله به العبد من المصائب العظيمة الكبيرة فلا يصبر المبتلى على أدنى بلاء يصيبه فيتسخط على قضاء الله وقدره، ومن درك الشقاء أي ومن أن يدركك الشقاء والشقاء ضد السعادة، ومن سوء القضاء سوء القضاء يحتمل معنيين المعنى الأول أن أقضي قضاء سيئا، والمعنى الثاني أن الله يقضي على الإنسان قضاء يسوءه، والقضاء يعني الحكم فالإنسان ربما يحكم بالهوى ويتعجل الأمور ولا يتأنى وهذا سوء قضاء، كذلك القضاء من الله قد يقضي الله عز وجل على الإنسان قضاء يسوءه ويحزنه، فتستعيذ بالله عز وجل من سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء، والعدو لا شك أنه يفرح في كل ما أصاب الإنسان من بلاء ويحزن في كل ما أصابه من خير، فأنت تستعيذ بالله عز وجل من شماتة الأعداء، فهذه وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنا أن نتعوذ بالله من هذه الأمور الأربعة. (٣)

من فقه الحديث:

أ. من يدعو الله فان الله سميع مجيب.


(١) - انظر، الصنعاني، محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني، الكحلاني ثم الصنعاني، أبو إبراهيم، عز الدين، (توفي: ١١٨٢ هـ) سبل السلام، دار الحديث للنشر، ج ٢، ص ٦١٤.
(٢) - البخاري، صحيح البخاري، كتاب الدعوات، بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، ج ٨، ص ٧٥، حديث رقم ٦٣٤٧.
(٣) - انظر؛ ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، ج ٦، ص ٢٣ - ٢٥.