للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَسَاكِينُ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي أُصِيبُ بِكِ مِنْ أَشَاءُ، وَقَالَ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ). (١)

"قال ابن القيِّم: من خلقه الله للجنة لم تزل هداياها تأتيه من المَكارِه، ومن خلقه الله للنار لم تزل هداياها تأتيه من الشهوات". (٢)

من فقه الحديث:

معظم أهل النار من المتنفذين والمتكبرين، لبعدهم في الدنيا عن الدين، ومعظم أهل الجنة من الضعفاء والمساكين، لقربهم في الدنيا من رب العالمين.

في نهاية هذا المطلب يتبين لنا أن المصيبة في الإيمان أعظم من مصائب الأبدان، فما أصاب ذوي الاحتياجات الخاصة لا ينقص من كرامتهم، ولا يحط من قيمتهم في الحياة، فإن البلاء الحقيقي هو ما يصيب الإيمان، لا ما يصيب الأبدان.

• المطلب الثالث: توجيه السنة لذوي الاحتياجات الخاصة للاندماج في المجتمع.

لقد عمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - على دمج ذوي الاحتياجات الخاصة مع غيرهم من أفراد المجتمع، فهم جزءٌ أصيل منه، لهم حقوق وعليهم واجبات، لذا عمل الرسول - صلى الله عليه وسلم - على تأهيلهم وتدريبهم، حتى يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع، عاملين منتجين، ولأوقاتهم وجهدهم مستثمرين، ولا يكونوا عالة على الآخرين، ولقدرهم عارفين، ومع غيرهم متعاونين بما ينفع الإسلام والمسلمين، ولقد وردت احاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب منها:

١. الرسول - صلى الله عليه وسلم - يختار ابن ام مكتوم سفيرا مع مصعب الى المدينه المنوره ليعلم القرآن.

لقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكلف رجالاً من ذوي الاحتياجات الخاصة، لتنفيذ مهمات لبناء الدولة الإسلامية، وذلك لقدرتهم وكفاءتهم، فمن أوائل من أرسلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة المنورة ليعلم الناس القرآن ابن أُم مكتوم رضي الله عنه.

فعن البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: (أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ). (٣)


(١) - احمد بن حنبل، مسند احمد، ج ١٨، ص ٢٦٧، حديث رقم ١١٧٤، حكم الارنؤوط حديث صحيح ص ٢٦٧.
(٢) - ابن القيم، محمد بن ابي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين بن قيم الجوزية، (توفي: ٧٥١ هـ)، .الفوئد، بيروت، دار الكتب العلمية، ط ٢، ١٣٩٣ هـ ١٩٧٣ م، ص ٣٢.
(٣) - البخاري، صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار، بَابُ مَقْدَمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ المَدِينَةَ، ج ٥، ص ٦٦، حديث رقم ٣٩٢٥.