للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء في التنوير شرح الجامع الصغير: "الراحمون" أي: ذوو الرحمة من عباد الله، لمن في الأرض من حيوان، وآدمي وغيره بالإحسان وكف الظلم والتوجع والسعي في إصلاح حالهم. "يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى" أي: يتفضل عليهم بعفوه وغفرانه وبره وإحسانه جزاءً وفاقاً، "ارحموا من في الأرض" كل من في الأرض، "يرحمكم من في السماء" يرحمكم أهل السماء، إن كان لك شوقٌ إلى رحمة الله، فكن رحيماً لنفسك ولغيرك ولا تستبد بخيرك، فارحم الجاهل بعلمك، والذليل بجاهك، والفقير بمالك، والضعيف بشفقتك ورأفتك، والعصاة بدعوتك، والبهائم بعطفك ودَفعِ غضبك، فأقرب الناس من الله رحمةً أرحمهم لخلقه، فكل ما يفعله من خيرٍ دق أو جل فهو صادر عن صفة الرحمة. (١)

من فقه الحديثين:

الرحمة بكل ضعيف، والرحمة بكل من هو بحاجة إلى مساعدةِ القوي، ومن ولّاه الله أمر المسلمين شيئاً، ورحمة الكبير بالصغير، ومن أكثر الناس حاجة إلى الرحمة بهم ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم سببٌ لنيل رحمة الله تعالى التي بها يدخل أهل الجنة جنة الخلد.

[٢. أهمية التراحم بين أهل العافية وذوي الاحتياجات الخاصة]

عن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). (٢)

قال ابن عثيمين: " فأنت إذا أحسست بألم في طرف شيء من أعضائك، فإن هذا الألم يسري على جميع البدن، كذلك ينبغي أن تكون للمسلمين هكذا، إذا اشتكى أحد من المسلمين فكأنما الأمر يرجع إليك أنت". (٣)

من فقه الحديث:

بما أن ذوي الاحتياجات الخاصة أعضاء من جماعة المسلمين، فمن يشعر بشعورهم ويقف إلى جانبهم يتَّصف بالمودة والرحمة والعطف، وهذه من صفات المؤمن.


(١) - انظر، الأمير، محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الحسني الكحلاني ثم الصنعاني أبو إبراهيم عز الدين المعروف بالأمير، (توفي: ١١٨٢ هـ)، التنوير شرح الجامع الصغير، تحقيق: د. محمد إسحاق محمد إبراهيم، الرياض، مكتبة دار السلام، ط ١، ١٤٣٢ هـ-٢٠١١ م، ج ٦، ص ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٢) - مسلم، صحيح مسلم، كتاب الْبر والصلة والآدابِ، باب تراحم الْمؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، ج ٤، ص ١٩٩٩، ، حديث رقم ٢٥٨٦.
(٣) - ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، ج ٢، ص ٣٩٨.