للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• المطلب الأول: بشرى النبي عليه السلام لذوي الاحتياجات الخاصة.

ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يهمل المصيبة الجسدية، ولم ينكر وجودها، ولم يتجاهل أثرها في نفس صاحبها أو من يحيط به، لذا وجه المسلم الى الصبر على ما يواجهه في هذه الدنيا من متاعب ومصاعب، وما ينزل به من ابتلاء يحل في جسمه أو في أهله، ووعده بالأجر العظيم إن هو صبر واحتسب، وفي السنة النبوية أحاديث كثيرة تحدثت عن الصبر والصابرين، وما أعده الله لهم من أجر عظيم، منها:

[١. الإصابة في الأبدان علامة خير للإنسان.]

عن ابي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ يُرِدِ اللهُ به خَيرا يُصِبْ مِنهُ)، (١) جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: يصب منه: أَي يجعلُهُ ذا مُصيبةٍ لِيُطَهِّره بها مِنَ الذنوب، وليرفعَ بها درجتهُ. (٢)

من فقه الحديث:

أ. من ابتلي في الدنيا عوفي في الآخرة.

ب. الإصابات سبب لتكفير السيئات ورفع الدرجات.

[٢. الجنة جزاء من صبر على الصرع]

(عن عطاء بن أبي رباح - رضي الله عنه - قال: قال لي ابن عباس - رضي الله عنه -: ألا اريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أُصرع وإني أتكشف فادع الله لي، قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وان شئت دعوت الله أن يعافيك، فقالت أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها). (٣)

جاء في عمدة القاري شرح صحيح البخاري، قَوْله: "إِن شِئْتِ صبرتِ": خَيَّرهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَين أَن تصبر على هذه الْهَيْئَة وَلها الجنَّة، وبين أَن يَدعو الله تعالى فيعافيها، فاختارَت الصَّبر، ثمَّ قالت: أخشى من كشف العورة، فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانقطع عنها التكشف، اما قَوْل: "فَادع الله أَن لَا أتكشف": فيه فضيلة ما يترتَّب من الصَّبر على الصرع، وأَن اختيار البلاء والصَّبر عليه يورث الجنَّة، وأَن الأَخذ بالشدة أفضل من الأَخذ بالرُّخصة لمن علم من نَفسه أَنه يُطيق التَّمادي على الشدَّة، ولا يضعف عن التزامها. (٤)


(١) - البخاري، صحيح البخاري، بكِتَابُ المَرْضَى، بابُ مَا جَاءَ فِي كَفَّارَةِ المَرَضِ، ج ٧، ص ١١٥، حديث رقم: ٥٦٤٥.
(٢) - القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج ٣، ص ١١٢٧.
(٣) - البخاري، صحيح البخاري، كتاب المرضى، باب فضل من يصرع من الريح، ج ٧، ص ١١٦، حديث رقم ٥٦٥٢.
(٤) - انظر، العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ج ٢١، ص ١١٥.