للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من فقه الحديث:

أ. حق ذوي الاحتياجات الخاصة في الحرية والتعبير.

ب. الاستماع لمطالب ذوي الاحتياجات الخاصة كما استمع الرسول صلى الله عليه وسلم للمرأة التي في عقلها شيء.

ج. تمكين ذوي الاحتياجات الخاصة من لقاء المسؤولين لعرض قضاياهم.

[٧. توجيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لذوي الاحتياجات الخاصة لما هو خير لهم.]

عن عثمان بن حُنَيْف - رضي الله عنه -: (أَن رجلا ضرير البصر أَتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ادعُ اللهَ أَن يُعافيني قال: "إِن شئت دعوتُ، وإِن شِئتَ صبرت فهو خيرٌ لك"، قال: فادعه، قال: فأَمره أَن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاءِ: "اللهمَّ إني أَسألك وأتوجهُ إِليك بنبيك محمد نبي الرحمةِ، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهم فَشَفِّعهُ فيَّ). (١)

جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: أن رجلا ضرير البصرِ، أَي: ضعيف النظرِ، أَو أَعمى "أَتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ادع الله أَن يعافيني" أَي: مِنْ ضرري في نظري فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنْ شِئْتَ" أَيْ: اخترتَ الدُّعاء، "دَعَوْتُ" أَيْ: لَكَ "وَإِن شِئتَ" أَي: أَردتَ الصبر والرِّضا "صَبَرْتَ فَهُوَ" أَيْ: الصَّبر "خيرٌ لك"، فإِن اللهَ تعالى قال: إِذا ابتَلَيتُ عَبدي بِحبيبَتَيه ثُم صبر عَوضته مِنهُما الجنةَ، قَالَ له الرَّجُلُ: فَادْعُهُ، أَيِ: ادْعُ اللهَ أَو اسأَل العافية.

فان قيل كيف اختار الدعاء على الصبر وقد بين له الرسول - صلى الله عليه وسلم - فجواب ذلك أن مَنْ خُيِّرَ بين أَمرين فاختارَ المفضولَ منهُما لا حرج عليه، على أَن يحتمل أَن ذلك الرجل ظنَّ أَن في عَوْدِ بصره إِليه مصالح دينية يفوق ثوابها ثواب الصَّبر.

وقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - صَلِّ ركعتين وادعُ بهذا الدعاء: (اللهم إِني أَسأَلُك) أَي: أَطلُبُكَ مَقصودي أَدعوكَ (وأَتوجهُ إِليك بنبيك مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ إِنِّي تَوَجَّهْتُ) أي: وأتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه ليقضي لي، (اللهم فشفِّعْهُ) أَي: اقبل شفاعتي (في) أَي: في حقي، وقولهُ: إِني توجهت بك بعد قوله: إِني أَتوجهُ إِليك فيه معنى قولهِ: { ... مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ... } [البقرة: ٢٥٥]، سأل اللهَ بطريق الخطاب، ثم توسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - على طريقة الخطاب، ثم ذكر إِلى خطاب الله طالبا منه أَن يَقبلَ شفاعةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في حقِّه. (٢)

من فقه الحديث:

أ. مشروعية طلب العافية من البلاء فهذا لا يتنافى مع الإيمان بالقضاء.


(١) - الترمذي، سنن الترمذي، أَبواب الدعوات عن صلى اللَّه عليه وسلمَ، باب، ج ٥، ص ٥٦٩، حديث رقم ٣٥٧٨، حكم الألباني صحيح.
(٢) - انظر، القاري، مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج ٥، ص ١٧٣٠ - ١٧٣١.