للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من فقه الأحاديث:

أ. عندما فهم الصحابة والسلف الصالح معنى هذه الأحاديث، قدّروا الضعفاء واحترموهم فَوَسَّع الله عليهم بالرزق وأمدّهم بالنصر، وعندما غابت هذه المعاني عن المسلمين، شحّ الرزق وقلت البركة وغاب النصر.

ب. ميزان الرسول عليه السلام في تقييم الإنسان، قوة الإيمان والقرب من الرحمن.

[٢. النبي - صلى الله عليه وسلم - يختار ابن أم مكتوم - رضي الله عنه - مؤذنا وهو أعمى.]

(عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان ابن أم مكتوم يؤذن لرسول الله وهو أعمى). (١)

فالرسول صلى الله عليه وسلم يختار ابن أم مكتوم ليؤذن وليعلن دخول وقت الصلاة، ليجتمع الناس ليصلّوا وليؤدوا هذه الشعيرة التي هي عمود الدين فهو مؤتمن عليها، بل كان يؤذن في رمضان ليمسك الناس عن الطعام والشراب ليصوموا لله تعالى، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم). (٢)

من فقه الحديثين:

أ. أن يتنافس ذوو الاحتياجات الخاصة مع غيرهم على بعض الأعمال، وأن تتساوى فرصهم مع غيرهم عند إتقان العمل.

ب. أن يتقن ذوو الاحتياجات الخاصة الأعمال التي تعلموها، وأن يتميزوا بها حتى يثبتوا جدارتهم، فيتم اختيارهم ولا يبقوا مهمشين.

[٣. النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي دعوة ضرير إكراما له.]

عن عِتْبَانَ بن مالك أَنه أَتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (يا رسول الله قد أَنكرت بصري، وأَنا أُصلي لقومي فإذا كانت الأَمطار سال الوادي الَّذي بيني وبينهم، فلم أَستطع أَن آتي مَسجدَهُم فأُصلي بهم، ووددت يا رسول الله أَنك تأتيني فتصلي في بيتي، فأتَّخِذَهُ مُصلى، قال: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سَأَفْعَلُ إِنْ شَاءَ اللهُ" قال عِتْبَان: فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: "أَين تُحب أَن أُصلي مِنْ بيتك" قال: فأشرت له إِلى ناحيةٍ من البيت، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر، فقُمنا فَصَفَّنَا فصلى ركعتين ثم سلم). (٣)

فالرسول عليه السلام جاء لبيت عِتْبَان - رضي الله عنه - مصطحبا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ليلبي له طلبه، وفي ذلك إقرارٌ من النبي - صلى الله عليه وسلم - وتأكيدٌ لإمامة عِتْبَان، وقد كان ابن أم مكتوم يؤم الناس في


(١) - مسلم، صحيح مسلم، كتَاب الصلَاة، باب جواز أَذان الأَعمى إِذا كانَ معه بصير، ج ١، ص ٢٨٧، حديث رقم: ٣٨١.
(٢) - البخاري، صحيح البخاري، كتاب الأَذان، باب الأَذان قَبل الفَجر، ج ١، ص ١٢٧، حديث رقم ٦٢٢.
(٣) - البخاري، صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، ج ١، ص ٩٢. حديث رقم ٢٦٣.