للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن ذوي الاحتياجات الخاصة، عندما يعيشون بين أفراد مبدأهم التعاون على البر والتقوى، فإنهم لا يشعرون بضيق ولا يحزنون لضر ألم بهم، لان في المجتمع من يسابق لتقديم الخير للغير منطلقا من أساس التكافل والتعاون.

[٣. الاحترام والتقدير بين أفراد المجتمع]

كما ان من الأسس التي أرساها القرآن الاحترام والتقدير بين أفراد المجتمع المسلم قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (١١)} [الحجرات: ١١].

قال سيد قطب: " إن المجتمع الفاضل الذي يُقِيمه الإسلام بهدى القرآن، مجتمع له أدب رفيع، ولكل فرد فيه كرامته التي لا تمس وهي من كرامة المجموع، ولمز أي فرد هو لمز لذات النفس لأن الجماعة كلها واحدة، كرامتها واحده.

والقرآن في هذه الآية يهتف للمؤمنين بذلك النداء الحبيب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا}، وينهاهم أن يسخر قوم بقوم، أي رجال برجال، فلعلهم خير منهم عند الله، أو أن يسخر نساء من نساء فلعلهن خير منهن في ميزان الله.

وفي التعبير إيحاء خفي بأن القيم الظاهرة التي يراها الرجال في أنفسهم، وتراها النساء في أنفسهن ليست هي القيم الحقيقية، التي يوزن بها الناس، فهناك قيم أخرى قد تكون خافية عليهم يعلمها الله ويزن بها). (١)

فعندما يعيش ذوو الاحتياجات الخاصة في مجتمع الاحترام فيه متبادل، والتقدير فيه حاضرٌ، فإنهم يثقون بأنفسهم ولا يشعرون بخجل أمام الناس مما أصابهم.

[٤. العدالة والمساواة]

من الأمور التي يحتاجها أفراد المجتمع العدالة والمساواة لذا قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧)} [الرَّحمن: ٧].

جاء في تفسير الطبري، " وقوله: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا}، يقول تعالى ذكره: السماء رفعها فوق الأرض، وقوله: {وَوَضَعَ المِيزَانَ} يقول: ووضع العدل بين خلقه في الأرض(٢) وقال سيد قطب رحمه الله: " فميزان الحق وضعه ثابت راسخ مستقرٌ، وضعه لتقدير القيم، قيم الأشخاص والأحداث والأشياء، كي لا يختل تقويمها ولا يضطرب وزنها ولا تتبع الجهل والغرض والهوى، وضعه في


(١) - سيد قطب، في ظلال القرآن، ص ١٩٨٠.
(٢) -الطبري، جامع البيان، ج ٧، ص ١٦٧.