• المبحث الثالث: شخصيات ذوو احتياجات خاصة من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - خلدتهم السنة النبوية.
لقد كان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أناس من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلّا أن كثيرا من الناس لا يعلم أنهم من ذوي الاحتياجات الخاصة بالرغم من أنهم مصابون إصابة ظاهرة في أعضائهم أو حواسهم، ذلك ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن جاء بعده من الخلفاء الراشدين عملوا على دمجهم في المجتمع دمجاً تاماً، فلم يعد هناك فرق بينهم وبين أهل العافية، وهذا ما جعل بعض المسلمين يظن بأن ذوي الاحتياجات الخاصة من الصحابة فقط هو ابن أم مكتوم، وقد يضيف بعضهم معه عمرو بن الجموح، إلا أنه بعد البحث والإستقصاء تَبين أن عددهم بضعٌ وعشرون صحابياً وصحابية، منهم من كان مصابا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهم من أصيب بعد ذلك، وسألقي الضوء في هذا المبحث على هؤلاء الصحابة العظام من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين خُلِّدوا في السنة النبوية، فإن لهؤلاء وأمثالهم دوراً عظيماً في نصرة الدين ونشره في ربوع العالمين، ورفع الهمة في نفوس المسلمين.
فنجدهم قد شاركوا إخوانهم من أهل العافية في كل الميادين، فقد برزوا في العلم والتعليم والتربية والإعداد والبناء والتضحية والجهاد والفداء، ونرى لهم دورا في رفع همة الآخرين من أصحاب العافية وشحذ عزيمتهم، فعندما يرى أهلُ العافية أهلَ البلاء مقبلين على العمل مستمرين عليه بالرغم مما أصابهم، فإنهم يستقبلون إشارات تحاكي عقولهم، ورسائل تخاطب نفوسهم، فيبدأون بتحليلها والتفكير بها، ويقولون بلسان حالهم لا بلسان مقالهم، أنعجز عن البذل والعطاء ونحن من أهل العافية؟ فيتولد من ذلك همة عالية، وعزيمة ماضية، وصبر وثبات، ومن هؤلاء الصحابة:
١. طلحة بن عُبَيد الله - رضي الله عنه - "يده مشلولة":
هو طَلْحَة بن عُبَيد الله بن عُثْمَان التَّيْمِيّ أَبُو مُحَمَّد الْمدنِي، صاحِب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أحد العشرَة المبشرين في الجنة، والستة من أهل الشورى وأحد الثَّمَانِية الذين سبقوا إِلى الإِسلام، ضرب لهُ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - بِسَهم يَوم بدر، وأبلى يَوم أُحُد بلاء شديدا، وقد دافع عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى شلت يده، كان أَبو بكر إِذا ذكر يوم أُحُد قال: ذلك يوم كُله لطلحة، روى عنه ثمانية وثلاثونَ حديثا، اتفق البخاري ومسلم على حَدِيث وانفرد البخاري بحديثين ومسلم بثلاثة، روى عنهُ مَالك بن أبي عَامر والسائب