للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على القضاء وعدم الرِّضا وفي قَوله: " لِضُرٍّ نَزَل به " ما يُرشدُ إلى أَنه إذا كان لغَيرِ ذلك مِنْ خوف أَو فِتنة في الدين فإِنه لا بأس به". (١)

من فقه الحديث:

أ. أن يكون من نزل به ضر واثقا من نفسه، ولا يدفعه ما أصابه أو من نظر اليه نظرة سلبيه لتمني الموت.

ب. ما نزل بالإنسان من ضر ليس علامة شر، فقد يكون لدفع مكروه او تكفير سيئات او رفع درجات.

ج. الصبر على الضر طريق يورث الجنة.

د. تذكر عند المصيبة ان لكل قدر حكمة، لو علمتها لرأيت المصيبة عين النعمة.

[١١. شدة مآل صاحبها إلى الجنة.]

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يُؤتى بأَنعَم أهل الدنيا، من أهلِ النّار، يوم القيامة، فيُصبَغُ في النار صَبغةً، ثم يُقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيرًا قطُّ؟ هل مرَّ بك نعيمٌ قطُّ؟ فيقول: لا والله! يا رب! ويُؤتى بأشدِّ الناس بُؤساً في الدنيا، من أهل الجنة، فيُصبغُ صبغةً في الجنَّة، فيُقال لهُ: يا ابن آدم! هل رأيت بُؤساً قطُّ؟ هل مرَّ بك شدَّةٌ قطُّ؟ فيقول: لا والله! يا رب! ما مرَّ بي بؤسٌ قطُّ، ولا رأيتُ شدةً قطُّ). (٢)

إنه "يؤتى بأنعم أهل الدنيا في الدنيا" يعني أشدهم نعيماً في بدنه وثيابه وأهله ومسكنه ومركوبه وغير ذلك، "فيصبغ في النار صبغة" يعني يغمس فيها غمسة واحدة، ويقال له "يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما رأيت" لأنه ينسى كل هذا النعيم، هذا وهو شيء يسير، فكيف بمن يكون مخلداً فيها والعياذ بالله أبد الآبدين. (٣)

جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: "يُؤتى بأَنعَمِ أَهلِ الدُّنيا" أَي يَحضُر أَشدُّهُم تَنعُّما وأَكثرُهم ظُلما لقوله: "مِنْ أَهلِ النَّار" "فَيُصبَغُ" يُغمَسُ "في النَّارِ صَبغَةً" أَي غمسةً، "ثُمَّ يُقَالُ" أَي له "يا ابنَ آدم، هَل رَأَيتَ خَيرا" أَي نِعمَةً "قَطُّ؟ هَل مَرَّ بكَ نَعيمٌ قَطُّ"؟ أَي في زمان مِنَ الأَزمنة، "فَيَقولُ: لا" أَي ما رأَيتُ "وَاللهِ يَا رَبِّ" لَمّا أَنسَتهُ شدَّةُ العذاب ما مضى عليه مِن نعيم الدُّنيا، فأيُّ نَعِيم آخِرُه الجحيمُ، وأَيُّ شدَّةٍ مآلُها الجنةُ كما قال: "وَيُؤتى بأَشَدِّ النَّاس بُؤسا" أَي شِدَّةً ومشقة


(١) - الصنعاني، سبل السلام، ج ١، ص ٤٦٤.
(٢) - مسلم، صحيح مسلم، كتاب صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، بَابُ صَبْغِ أَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا فِي النَّارِ وَصَبْغِ أَشَدِّهِمْ بُؤْسًا فِي الْجَنَّةِ، ج ٤، ص ٢١٦٢، حديث رقم ٢٨٠٧.
(٣) - نظر؛ ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين، ج ٣، ص ٣٦٤.