للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو عالم بالأدب، شاعر، من كبار الكتاب، من ابرز مؤلفاته: ديوان شعر ثلاثة أجزاء، وإعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وتحت راية القرآن، ووحي القلم. تولى الدفاع عن الإسلام في كتاباته ورد على الشبهات التي أثارها بعض الكتاب في زمانه، توفي عام ١٩٣٧ م في طنطا بمصر. (١)

فإنما العلم لمن تابع، فالعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، والعلم يرفع صاحبه كما رفع مصطفى صادق الرّافعي، الذي نصر الاسلام والمسلمين رغم إصابته بالصمم، وبالمقابل كم من أناس سليمين لم يقدموا شيئاً للإسلام والمسلمين.

• المطلب الخامس: موقف ضمرة بن العيص وصبره على الإبتلاء في بصره:

ضمرة بن العيص صحابي من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من أهل مكة لم يستطع الهجرة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لضعفه وإصابته في بصره مع كبر سنه، فبقي في مكة مع من لم يستطع الهجرة من المسلمين، فلما بلغهم ما نزل من قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧)} [النساء: ٩٧].

قالوا: هذه مرجفة حتى نزلت: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨)} [النساء: ٩٨].

فقال ضمرة: وإن ذَهَبَ بصري لكني أستطيع الحيلة، لي مال ورقيق، احملوني، فَحُمِل وهو مريض فأدركه الموت، وهو عند التنعيم، فدفن هناك فنزلت فيه خالصة: {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (١٠٠)} [النساء: ١٠٠]. (٢)

فهذا موقف سجله الله تعالى في القرآن الكريم لضمرة، سيبقى ما بقي كتاب الله يتلى، تقديرا لموقفه الذي انتصر به على ضعفه من أجل مرضاة الله تعالى.

قال الطبري: يعني جل ثناؤه بقوله: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ}: ومن يُفارق أرضَ الشرك وأهلَها هربًا بدينه منها ومنهم، إلى أرض الإسلام وأهلها المؤمنين، {فِي سَبِيلِ اللهِ}، يعني: في منهاج دين الله وطريقه الذي شرعه لخلقه، وذلك الدين القَيِّم {يَجِدْ فِي الأرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا}، يقول: يجد هذا المهاجر في سبيل الله مراغمًا كثيرًا"، أي مهاجرا، وقوله: {وَسَعَةً}، السِّعة في أمر دينهم فقد كانوا ممنوعين بمكة، من إظهار دينهم وعبادة ربهم علانية.


(١) -انظر الزركلي، خير الدين الزركلي، الأعلام، بيروت، دار العلم للملايين، ط ٦، ١٩٨٤ م، ج ٧، ص ٢٣٥.
وملتقى أهل الحديث www.ahlalhdeeth.com
(٢) - انظر؛ ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، (توفي: ٨٥٢ هـ)، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، بيروت، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١٥ هـ، ج ٣، ص ٣٩٨ - ٣٩٩.