للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاء في فتح الباري لابن حجر: ويستدِل من هذا الحديث على فضل تأخير صلاة العشاءِ ولا يُعارضُ ذلكَ فضيلةَ أَول الوقت لما في الانتظار مِنَ الفضل لكن لا يصلح ذلك الآن لِلأئمة لأَنه - صلى الله عليه وسلم - أَمر بالتخْفيف، وقال إِن فيهم الضّعيف وذا الحاجة فترك التطويل علَيهِم في الانْتظار أَولى. (١)

من فقه الحديث:

أ. رأفة النبي صلى الله عليه وسلم بالضعفاء وأصحاب الاحتياجات.

ب. التوقف والامتناع عن أعمال تسبب مشقة لذوي الاحتياجات الخاصة وان كانت أعمالا فاضلة.

[٥. النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي دعوة ضرير لييسر عليه أداء صلاة الجماعة]

عن عِتْبَان بن مالك أَنه أَتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (يا رسول الله قد أنكرت بصرِي، وأَنا أُصلي لقومي فإِذا كانت الأَمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لم أَستطع أَن آتي مسجدهم فأُصلي بهِم، ووددتُ يا رسول الله أَنك تأتيني فتصلّي في بيتِي، فأَتخِذه مصلى، قال: فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سأَفعل إِن شاء اللهُ" قال عِتبانُ: فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَبو بكر حين ارتفع النهارُ، فَاستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأَذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثُم قال صلى الله عليه وسلم: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ" قال: فأشرت له إِلى ناحية من البيت، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكبر، فقمنا فصَفَّنا فصلى ركعتين ثم سلم، قال وحبسناه على خزِيرة صنعناها له، قال: فثاب في البيت، رجال من أَهل الدار ذوو عدد). (٢)

قال النووي: لم يجلس في الدار ولا في غيرها، حتى دخل البيت مبادرا الى قضاء حاجتي التي طلبتها وجاء بسببها، وهي الصلاة في بيتي، فثاب رجال من أهل الدار أي: اجتمعوا، قوله وحبسناه على خزيرة، والخزِيرة لحم يقطع صغارا ثمّ يصب عليه ماءً كثيراً فإذا نضج ذَرَّ عَلَيْهِ دَقِيقٌ، وَيستفاد من الحديث سقوط الجماعة للعُذر، وفيه استصحابُ الإِمام والعالم ونحوهما بعض أصحابه في ذهابه، وَفِيهِ الابتداء في الأمور بأهمها لأنه صلى الله عليه وسلم جاء لِلصلاة فلم يجلس حتى صلى، وفيهِ جواز صلاة النفل جماعة. (٣)


(١) - انظر، ابن حجر، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، فتح الباري شرح صحيح البخاري، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب، بيروت، دار المعرفة، ١٣٧٩ هـ، ج ٢، ص ٤٨.
(٢) - البخاري، صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، ج ١، ص ٩٢، حديث رقم ٢٦٣.
(٣) - انظر، النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ج ٥، ص ١٥٩ - ١٦١.