للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١. المودة والرحمة]

قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١)} [التوبة: ٧١].

قال ابن كثير: "أي يتناصرون ويتعاضدون"، (١) وعن النعمان بن البشير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). (٢)

فمن صفات المؤمنين المودة، التي تجعلهم يتناصرون ويتعاضدون ويشعر بعضهم بشعور بعض ومن صفاتهم أيضا الرحمة التي لا تنفك عن المودة، قال تعالى: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧)} [البلد: ١٧].

قال سيد قطب: إن المسلمين يوصي بعضهم بعضا بالصبر على العبء المشترك، ويثبت بعضهم بعضا، وهذا أمر غير الصبر الفردي، وإن يكن قائما على الصبر الفردي، وهو ألا يكون الفرد عنصر تخذيل بل عنصر تثبيت، وكذلك التواصي بالمرحمة، فانه إشاعة الشعور بواجب التراحم في صفوف المسلمين عن طريق التواصي به، والتحاض عليه، واتخاذه واجبا جماعيا فرديا في الوقت ذاته يتعارف ويتعاون عليه المجتمع. (٣)

كم هي السعادة التي تغمر قلوب ذوي الاحتياجات الخاصة عندما يعايشون هذه المعاني ويكونون في مجتمع مبني على التواد والتراحم، إنها لسعادة عظيمة تجعلهم لا يشعرون بنقص، ولا عُضادة لأن في المجتمع من يعوضهم عما فقدوه.

[٢. التكافل والتعاون]

ومن أسس المجتمع الاسلامي التي وردت في القرآن الكريم التعاون والتكافل بين افراد المجتمع، قال تعالى: { ... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢)} [المائدة: ٢].

جاء في تفسير الطبري: أي لِيُعِن بعضكم بعضا في البر والتقوى، والبر هو: العمل بما أمر الله به، والتقوى: إتقاء ما أمر الله إتقائه واجتنابه من معاصيه، ولا يعن بعضكم بعضا على الإثم والعدوان، والإثم هو: ترك ما أمركم الله بفعله، والعدوان هو: تجاوز حدّ الله لكم في دينكم. (٤)


(١) - ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ، ج ٤، ص ١٥٣.
(٢) -مسلم، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم ج ٤، ص ١٩٩٩، حديث رقم ٢٥٨٦.
(٣) - انظر؛ قطب، سيد قطب، في ظلال القرآن، القاهرة وبيروت، دار الشروق، ط ١، ٢٠٠٥ م، ج ٦، ص ٣٩١٣.
(٤) - انظر؛ الطبري، جامع البيان في تأويل آي القرآن، ج ٢، ص ٤٩٠.