عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الوفاة حين طُعِنَ جعل الأمر بعده شورى في ستة نفر وهم: عثمان وعلي وطلحه والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين". (١)
وبما أن ذوي الاحتياجات الخاصة من أفراد المجتمع المسلم، يُأخذ برأيهم ويُسمع لقولهم إذا كانوا أهلاً للشورى، لذا نجد أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد جعل من بين الستة الذين اختارهم لتشاور في اختيار الخليفة طلحة بن عُبيد الله - رضي الله عنه - والذي كانت يده مشلولة وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - الذي كان أعرجَ، فالإسلام يدعو إلى أن يكونوا ممثلين في جميع مؤسسات المجتمع.
• المطلب الثالث: المصيبة في الإيمان أعظم من مصائب الأبدان:
إن ما يعانيه ذوو الاحتياجات الخاصة، لا ينقص من كرامتهم ولا يحط من قيمتهم في الحياة، فان البلاء الحقيقي هو ما يصيب الإيمان لا ما يصيب الأبدان، قال تَعَالَى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (١٧٩)} [الأعراف: ١٧٩]، قال ابن كثير "يعنِي: لا ينتفعونَ بشيءٍ من هذه الجوارح الَّتي جعلها الله عز وجل سببًا لِلهداية، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ (٢٦)} [الْأَحْقَافِ: ٢٦]، وقال تَعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)} [الْبَقَرَةِ: ١٨]، هَذَا في حقِّ المُنافقِين، وقال فِي حقِّ الكافرِين: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (١٧١)} [الْبَقَرَةِ: ١٧١]، وَلم يَكونوا صمًّا بُكمًا عُميًا إِلا عن الهُدى، كما قال تعالى: : {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ (٢٣)} [الأنفال: ٢٣] فإن ما ذكر في القرآن الكريم عن الحواس يبين بأن سلامتها لا تقاس بصحتها إنما بأدائها لما خلقت له، فَمَن حاسة السمع عنده سليمة هو من يسمع الحق، وَمَن حاسة البصر عنده سليمة هو مَن يرى آيات الله في الكون ودلائل قدرته في ذلك، والذي لديه نطق سليم هو من يصونه
عن الفحش في القول وينطق بالحق، فليس المعاق من فقد سمعه أو بصره أو يده أو قدمه، إن المعاق من تلقى له عقلا عن الحق أضله.
فالمعاق حقا وفق المفهوم القرآني هو الذي لا يسخر عقله أو حواسه لما خلقت له لتهديه الى الله تعالى، بل هو أقل شأنا من البهائم التي آتاها الله هذه الحواس، قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤٤].
قال الطبري في تأويل هذه الآية: " (أَمْ تَحْسَبُ): يا محمد أن أكثر هؤلاء المشركين (يَسمعونَ) ما يتلى عليهم، فيعون (أَوْ يَعقلون) ما يعاينون من حجج الله، فيفهمون (إِنْ هُمْ إِلا كَالأنْعَامِ) يقول: ما هم إلا كالبهائم التي لا تعقل ما يقال لها، ولا تفقه، بل هم من البهائم أضلّ