للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• المطلب الثامن: حقهم في الزواج والانجاب:

ومن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، حقهم في الزواج والإنجاب إن كانوا مهيئين ومؤهلين لذلك، فقد يكونون أحوج لذلك من غيرهم، فبزواجهم يجدون من يقف الى جانبهم، ويعينهم في بعض حوائجهم ويؤازرهم ويساندهم.

قال تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢)} [النور: ٣٢]، قال الطبري: يقول تعالى ذكره: وزوّجوا أيها المؤمنون من لا زوج له، من أحرار رجالكم ونسائكم، ومن أهل الصلاح من عبيدكم ومماليككم، والأيم من لا زوج له أو لا زوج لها (١).

ولم يفرق بأمره بتزويج الأيامى بين ذوي الاحتياجات الخاصة أو غيرهم من أهل العافية، وقد يقول قائل بزواج ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاجون الى النفقة والمال لأنهم يصيرون أصحاب عيال؟ فللإجابة عن هذا التساؤل ذكرنا سابقا ان من حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة توفير وظائف وأعمال مناسبة لهم ليكتسبوا منها أرزاقهم كما ان من حقوقهم الحق المالي من مصارف الزكاة، وقد بين الله عز وجل أن الزواج مصدر من مصادر الرزق والغنى.

جاء في جامع البيان في تأويل القرآن: قال ابن عباس في قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}: أمر الله سبحانه بالنكاح، ورغَّبهم فيه، وأمرهم أن يزوّجوا أحرارهم وعبيدهم، ووعدهم في ذلك الغنى، فقال: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، وقال عبد الله بن مسعود: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}.

وقوله: {وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} يقول جلّ ثناؤه: والله واسع الفضل جواد بعطاياه، فزوّجوا إماءكم، فإن الله واسع يوسع عليهم من فضله، إن كانوا فقراء، {عَلِيمٌ}، يقول: هو ذو علم بالفقير منهم والغنيّ، لا يخفى عليه حال خلقه في شيء وتدبيرهم. (٢)

في نهاية هذا المبحث يتبين لنا مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة في القرآن الكريم فقد أوصى الله سبحانه وتعالى بهم وأكد على حقوقهم كحقهم في الحياة، والكرامة الانسانية والحرية، والتعلم والتعليم، والكسب والتصرف والتملك، والعمل، وحقهم المالي من مصارف الزكاة، والزواج والإنجاب، فما أعظم هذا القرآن الذي عُني بحقوق الإنسان، سواء ذوي الاحتياجات الخاصة أو غيرهم.


(١) - انظر؛ الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج ١٩، ص ١٦٥.
(٢) - انظر؛ الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج ١٩، ص ١٦٦.