للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستمر دورهم وعطاؤهم في الجهاد عبر العصور حتى يومنا هذا، فالشيخ احمد ياسين، شيخ المجاهدين، الذي أُصيب بشلل كامل وهو من المعاصرين، قاد مسيرة الدعوة والجهاد لنصرة الدين، والدفاع عن المسلمين لسنوات طويلة، حتى نال الشهادة.

فكم لعطاء هؤلاء وثباتهم من أثر على إخوانهم من أهل العافية، إنه لأثر كبير "وأما عطاؤهم بعد ذلك وقد ترك الجرح أثرا في جسده - غالبا- من قطع رجل أو يد أو قلع عين أو غير ذلك، فيبقى له وساما وشرفا يعتز به في دنيا الناس ويوم يقوم الأشهاد، وكلما رآه الناس سألوا عن سبب جرحه , فيكون الجواب جرعة جديدة ودفعة قوية في إثارة كوامن الرجولة والغيرة وحب التضحية والفداء عند السائل! ! ". (١) ... ...

ومن التكاليف الواجبة التي استثنى الله عز وجل من لا يستطيعون القيام بها فريضة الحج، لما تحتاجه من قوة وجلد وتحمل، قال تعالى: { ... وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)} [آل. عمران: ٩٧]

قال الواحدي في تفسيره: قال جمهور أهل العلم أن الاستطاعة الموجبة للحج: القوة، فمن قوي في نفسه بالركوب على الراحلة وجب عليه الحج إذا ملك الزاد والراحلة. (٢)

وكذلك خفف الله عز وجل عن ذوي الاحتياجات الخاصة بأن جعل باب التيسير مفتوحا لكل أمر يفوق وسعهم ويغلب طاقتهم، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ... } [البقرة: ٢٨٦]، قال الطبري: "قال ابن عباس - رضي الله عنه -: هم المؤمنون، وسَّعَ الله عليهم أمر دينهم، فقال الله جل ثناؤه: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ... } [سورةالحج: ٧٨]، وقال: { ... يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)} [سورة البقرة: ١٨٥]، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)} [سورة التغابن: ١٦] "، (٣) قال الواحدي: {مَا اسْتَطَعْتُمْ} أي: "ما أطقتم، فلم يكلف العباد من طاعته وعبادته إلا ما استطاعوا". (٤)

• المطلب الخامس: نزول قرآن بحق ذوي الاحتياجات الخاصة.

إن من اكرام الله عز وجل لذوي الاحتياجات الخاصة، أن أنزل بشأنهم قرآناً يتلى آناء الليل وأطراف النهار رِفعة لهم، وتذكيرا بقدرهم ومكانتهم عند الله عز وجل، وهذه الآيات من القرآن الكريم كان سبب نزولها ذوي الاحتياجات الخاصة، إمّا إجابة لسؤال سألوه، أو تخفيفا لتكليف لا يطيقونه، أو بشرى لهم لعمل عملوه، أو حفاظا لحق لهم لم يعرفوه، وهذه الآيات هي:


(١) - عزام، القتال في الكتاب والسنة وأثره في الأمة، ص ٣٩٣.
(٢) - انظر؛ الواحدي، الوسيط في تفسير القران المجيد، ج ١، ص ٤٦٨.
(٣) - الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، ج ٦، ص ١٣٠.
(٤) - الواحدي، الوسيط في تفسير القران المجيد، ج ١، ص ٤٧٢.