للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، ونسب، وما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه، وما رأيت سائلا قط سأله إلا وجد عنده علماً.

وقَالَ طاووس: إني رأَيت سبعين رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تدارءُوا في أمر صاروا إلى قول ابنِ عَبَّاس.

واستعمله عليّ بن أَبِي طالب على البصرة، فبقي عليها أميرا، ثُمَّ فارقها قبل أن يقتل عليّ بْن أبي طَالِب، وعاد إلى الحجاز، وشهد مع عليّ صفين، وكان أحد الأمراء فيها.

وروى ابْنُ عَبَّاس: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن عُمَر، وعلي، ومعاذ بْن جبل، وأبي ذر، رضي الله عنهم، روى عَنْهُ: عَبْد الله بن عُمر، وأنس بن مالك، وأبو أمامة بْن سهل بْن حنيف، وأخوه كَثِير بْن عَبَّاس، وولده عليّ بْن عَبْد الله بْن عَبَّاس، ومواليه: عكرمة، وعطاء بْن أبي رباح، ومجاهد، وعمرو بْن دينار، وسعيد بْن المسيب، وسليمان بْن يسار، وعروة بْن الزُّبَير، وعلي بْن الحُسين، ومحمد بْن كعب، وطاوس، ووهب بْن منبه، وخلق كَثِير غير هَؤُلَاءِ.

وكان لَهُ لما توفي النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاث عشرة سنة، وحج بالناس لما حُصر عثمان، وكان قَدْ عمي فِي آخر عمره، فَقَالَ فِي ذَلِكَ:

"إن يأخذ الله من عيني نورهما ... ففي لساني وقلبي منهما نور

قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل ... وفي فمي صارم كالسيف مأثور". (١)

قال قتادة: إن ابن عباس كان يؤم أصحابه وهو أعمى، (٢) وقد خُلد اسمه في السنة النبوية فهو يُعد من الرواة المكثرين لأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال صفي الدين: روى ابن عباس ألفا وستمائة وستين حديثا، سمع من النَّبي خمسة وعشرين حديثا وباقي حديثه عن الصَّحابة مات سنة ثمان وستين بِالطَّائِف وعمره سبعون او واحد وسبعون عاما، وَصلى عليه محمد بن الحَنفية وقال: مات حبر الأمة، رضي الله عنه. (٣)

فائدة:

ابن عباس - رضي الله عنه - قضى حياته في التعلم والتعليم، فخدم دين الله فخدمه خلق الله، وَوُضِع له القبول في الارض.


(١) - انظر؛ ابن الاثير، اسد الغابة، ج ٣، ص ٢٩١.
(٢) - ابن سعد، أبو عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، المعروف بابن سعد، (توفي: ٢٣٠ هـ)، الجزء المتمم لطبقات ابن سعد (الطبقة الخامسة في من قبض صلى الله عليه وسلم وهم أحداث الأسنان)، تحقيق: محمد بن صامل السلمي، الطائف، مكتبة الصديق، ط ١، ١٤١٤ هـ-١٩٩٣ م، ج ٢، ص ١٣٦.
(٣) - انظر؛ صفي الدين، خلاصة تهذيب تهذيب الكمال، ج ١، ص ٢٠٣.