للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {لِيَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ}، وهم المؤمنون الذين صدقوا فيما عاهدوا الله تعالى عليه، وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ بنقض العهد إِنْ شاءَ، وهو أن يُميتَهم على نفاقهم أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ في الدنيا، فيخرجَهم من النفاق إِلى الإِيمان، فيغفر لهم (١).

ففي قصة طلحة - رضي الله عنه -، عبرة وعظة لذوي الاحتياجات الخاصة ولغيرهم، فمن أصيب بعضو من أعضائه فليبقَ واثقا من نفسه ولا يخجل أمام الناس، لأن ذلك باختيار الله تعالى، وخير الإصابات، الإصابة في سبيل الله، كما أصيب طلحة - رضي الله عنه - بيده.

وفي نهاية هذا المبحث يتبين لنا ان الله عز وجل يبتليك ليعافيك، ويأخذ منك ليعطيك، فيبتليك في الدنيا ليعافيك في الآخرة، ويأخذ منك ليعطيك في الدنيا والآخرة.

والسعادة والشقاء في هذه الحياة لا يرتبطان بصحة الابدان وسلامة الاجسام، فالدنيا ليست دار جزاء انما هي دار ابتلاء، فقد ابتلي احب خلق الله الى الله من الانبياء والأولياء.

وأن نمتثل أمر الله ونقتدي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي صار يعطي هذه الفئة كل عناية وتقدير وإقبال، وأن لا يتعامل المسلمون مع ذوي الاحتياجات الخاصة بسلوك لا يتعاملون بمثله مع غيرهم مستغلين ضعفهم، فقد عاتب الله رسوله على العبوس والإعراض في وجه أعمى مع أنه لم ير ذلك.

وان لا يكون المقياس بالأشكال والمظاهر إنما بصلاح القلوب والسرائر، فان الله عز وجل لا ينظر الى الاشكال والمظاهر انما ينظر الى القلوب والسرائر، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم). (٢)


(١) - انظر؛ ابن الجوزي، جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، (توفي: ٥٩٧ هـ)، زاد المسير في علم التفسير، تحقيق عبد الرزاق المهدي، بيروت، دار الكتاب العربي، ط ١، ١٤٢٢ هـ، ج ٣، ص ٤٥٧.
(٢) - مسلم، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره، ج ٤، ص ١٩٨٦، حديث رقم ٢٥٦٤.