للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤٦) بَاب إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتَصَبُّرِ مَنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ

١٢٣ - (١٠٥٩) حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ. أَخْبَرَنِي يونس عَنْ ابْنِ شِهَابٍ. أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛

أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْأنْصَارِ قَالُوا، يَوْمَ حُنَيْنٍ، حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أموال هوازان مَا أَفَاءَ. فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ. الْمِائَةَ مِنَ الْإِبِلِ. فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ. يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ!.

قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: فَحُدِّثَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ قَوْلِهِمْ. فَأَرْسَلَ إِلَى الْأَنْصَارِ. فَجَمَعَهُمْ

⦗٧٣٤⦘

فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ:

"مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟ " فَقَالَ لَهُ فُقَهَاءُ الْأَنْصَارِ: أَمَّا ذَوُو رَأْيِنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا. وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ، قَالُوا يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِهِ. يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ. أَتَأَلَّفُهُمْ. أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالْأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُونَ إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ! لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ" فَقَالُوا: بَلَى. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ رَضِينَا. قَالَ: "فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَثَرَةً شَدِيدَةً. فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ". قَالُوا سنصبر.


(حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ هوازن ما أفاء) أي حين جعل الله من أموالهم ما جعله فيئا على رسوله. وهو من الغنيمة مالا تلحقه مشقة. وهوازن قبيلة. (في قبة من آدم) القبة من الخيام: بيت صغير مستدير. وهو من بيوت العرب. ومن أدم معناه من جلود. وهو جمع أديم بمعنى الجلد المدبوغ. ويجمع أيضا على أدم. (أتألفهم) أي أستميل قوبهم بالإحسان ليثبتوا على الإسلام، رغبة في المال. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة من الصدقات. وكانوا أشراف العرب. فمنهم من كان يعطيه دفعا لأذاه ومنهم من كان يعطيه طمعا في إسلامه وإسلام نظرائه وأتباعه. ومنهم من كان يعطيه ليثبت على إسلامه، لقرب عهده بالجاهلية. (رحالكم) أي منازلكم. (أثرة شديدة) فيها لغتان: أحداهما ضم الهمزة وإسكان الثاء، وأصحهما وأشهرهما بفتحهما جميعا. والأثرة الاستئثار بالمشترك، أي يستأثر عليكم ويفضل عليكم غيركم بغير حق.

<<  <  ج: ص:  >  >>