(لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ) معناه أنه سبحانه وتعالى لا ينام وأنه يستحيل في حقه النوم. فإن النوم انغمار وغلبة على العقل يسقط به الإحساس. والله تعالى منزه عن ذلك وهو مستحيل في حقه جل وعلا. (يخفض القسط ويرفعه) قال ابن قتيبة: القسط الميزان. وسمي قسطا لأن القسط العدل وبالميزان يقع العدل. والمراد أن الله تعالى يخفض الميزان ويرفعه، بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة، ويوزن من أرزاقهم النازلة. (يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وعمل النهار قبل عمل الليل) معناه، والله أعلم، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ الذي بعده. وعمل النهار قبل عمل الليل الذي بعده. (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) السبحات جمع سبحة. قال صاحب العين والهروي وجميع الشارحين للحديث من اللغويين والمحدثين: معنى سبحات وجهه نوره وجلاله وبهاؤه. أما الحجاب فأصله في اللغة: المنع والستر. وحقيقة الحجاب إنما تكون للأجسام المحدودة، والله تعالى منزه عن الجسم والحد. والمراد هنا المانع من رؤيته. وسمي ذلك المانع نورا أو نارا لأنهما يمنعان من الإدراك في العادة لشعاعهما. والمراد بالوجه الذات. والمراد بما انتهى إليه بصره من خلقه جميع المخلوقات. لأن بصره سبحانه وتعالى محيط بجميع الكائنات. ولفظة من لبيان الجنس، لا للتبعيض. والتقدير: لو أزال المانع من رؤيته، وهو الحجاب المسمى نورا أو نارا، وتجلى لخلقه، لأحرق جلال ذاته جميع مخلوقاته.