وفيه طرفة من طرف الإسناد. فإنه رواه ثلاثة تابعيون. بعضهم عن بعض: يحيى ومحمد وعلقمة. قال جماهير العلماء من أهل العربية، والأصول وغيرهم: لفظة إنما موضوعة للحصر. تثبت المذكور وتنفي ما سواه. فتقدير هذا الحديث: أن الأعمال تحسب إذا كانت بنية. ولا تحسب إذا كانت بلا نية. (وإنما لامرئ ما نوى) قالوا: فائدة ذكره بعد (إنما الأعمال بالنية) بيان أن تعيين المنوى شرط. فلو كان على إنسان صلاة مقضية، لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة. بل يشترط أن ينوي كونها ظهرا أو غيرها. ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين، أو أوهم ذلك. (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) معناه من قصد بهجرته وجه الله وقع أجره على الله. ومن قصد بها دنيا أو امرأة فهي حظه. ولا نصيب له في الآخرة بسبب هذه الهجرة. وأصل الهجرة الترك. والمراد، هنا، ترك الوطن. وذكر المرأة مع الدنيا يحتمل وجهين: أحدهما أنه جاء أن سبب هذا الحديث أن رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس، فقيل له: مهاجر أم قيس. والثاني أنه للتنبيه على زيادة التحذير من ذلك. وهو من باب ذكر الخاص بعد العام، تنبيها على مزيته.