للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥ - بَاب قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ) وَأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْغَزْوُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَعْمَالِ

١٥٥ - (١٩٠٧) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ. حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بن وقاص، عن عمر ابن الْخَطَّابِ. قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ.

⦗١٥١٦⦘

وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى. فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجر إليه).


(إنما الأعمال بالنية) أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث وكثرة فوائده وصحته. قال الشافعي وآخرون: هو ثلث الإسلام. وقال الشافعي: يدخل في سبعين بابا من الفقه. وقال آخرون: وهو ربه الإسلام. وقال عبد الرحمن بن مهدي وغيره: ينبغي لمن صنف كتابا أن يبدأ فيه بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النية. ونقل الخطابي هذا عن الأئمة مطلقا. وقد فعل ذلك البخاري وغيره. فابتدؤا به قبل كل شيء. وذكره البخاري في سبعة مواضع من كتابه. قال الحفاظ: ولم يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية عمر بن الخطاب. ولا عن عمر إلا من رواية علقمة بن وقاص. ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي. ولا عن محمد إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري. وعن يحيى انتشر فرواه عنه أكثر من مائتي إنسان، أكثرهم أئمة. ولهذا قال الأئمة: ليس هو متواترا، وإن كان مشهورا عند الخاصة والعامة، لأنه فقد شرط التواتر في أوله.
وفيه طرفة من طرف الإسناد. فإنه رواه ثلاثة تابعيون. بعضهم عن بعض: يحيى ومحمد وعلقمة. قال جماهير العلماء من أهل العربية، والأصول وغيرهم: لفظة إنما موضوعة للحصر. تثبت المذكور وتنفي ما سواه. فتقدير هذا الحديث: أن الأعمال تحسب إذا كانت بنية. ولا تحسب إذا كانت بلا نية.
(وإنما لامرئ ما نوى) قالوا: فائدة ذكره بعد (إنما الأعمال بالنية) بيان أن تعيين المنوى شرط. فلو كان على إنسان صلاة مقضية، لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة. بل يشترط أن ينوي كونها ظهرا أو غيرها. ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين، أو أوهم ذلك.
(فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله) معناه من قصد بهجرته وجه الله وقع أجره على الله. ومن قصد بها دنيا أو امرأة فهي حظه. ولا نصيب له في الآخرة بسبب هذه الهجرة. وأصل الهجرة الترك. والمراد، هنا، ترك الوطن. وذكر المرأة مع الدنيا يحتمل وجهين: أحدهما أنه جاء أن سبب هذا الحديث أن رجلا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس، فقيل له: مهاجر أم قيس. والثاني أنه للتنبيه على زيادة التحذير من ذلك. وهو من باب ذكر الخاص بعد العام، تنبيها على مزيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>