(إلا المسجد الحرام) اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيتهما أفضل. ومذهب الشافعي وجماهير العلماء أن مكة أفضل من المدينة. وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة. وعكسه مالك وطائقة. فعند الشافعي والجمهور معناه إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي. وعند مالك وموافقيه: إلا المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجدي تفضله بدون الألف. قال القاضي عياض: أجمعوا على أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض. وإن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض. واختلفوا في أفضلهما، ما عدا موقع قبره صلى الله عليه وسلم. فقال عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين: المدينة أفضل وقال أهل مكة والكوفة والشافعي، وابن وهب وابن حبيب المالكيان: مكة أفضل. قلت: ومما احتج به أصحابنا لتفضيل مكة حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بمكة يقول "والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت" رواه الترمذي والنسائي. وقال الترمذي هو حديث حسن صحيح. وهو في سنن ابن ماجه رقم ٣١٠٨. قال الإمام النووي: وأعلم أن هذه الفضيلة مختصة بنفس مسجده صلى الله عليه وسلم، الذي كان في زمانه، دون ما زيد فيه بعده. فينبغي أن يحرص المصلي على ذلك ويتفطن لما ذكرته.