(أبو سفيان بن الحارث) أبو سفيان هذا هو ابن عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال جماعة من العلماء: اسمه هو كنيته. وقال آخرون: اسمه المغيرة. (على بغلة له بيضاء) كذا قال في هذه الرواية ورواية أخرى بعدها إنها بغلة بيضاء. وقال في آخر الباب على بغلته الشهباء. وهي واحدة. قال العلماء: لا يعرف له صلى الله عليه وسلم بغلة سواها، وهي التي يقال لها: دلدل. (يركض بغلته) أي يضربها برجله الشريفة على كبدها لتسرع. (أصحاب السمرة) هي الشجرة التي بايعوا تحتها بيعة الرضوان. ومعناه: ناد أهل بيعة الرضوان يوم الحديبية. (صيتا) أي قوي الصوت. ذكر الحازمي في المؤتلف أن العباس رضي الله تعالى عنه كان يقف على سلع فينادي غلمانه في آخر الليل، وهم في الغابة، فيسمعهم. قال: وبين سلع وبين الغابة ثمانية أميال. (لَكَأَنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ الْبَقَرِ على أولادها) أي عودهم لمكانتهم وإقبالهم إليه صلى الله عليه وسلم عطفة البقر على أولادها. أي كان فيها انجذاب مثل ما في الأمات حين حنت على الأولاد. قال النووي: قال العلماء: في هذا الحديث دليل على أن فرارهم لم يكن بعيدا. وأنه لم يحصل الفرار من جميعهم، وإنما فتحه عليهم من في قلبه مرض من مسلمة أهل مكة المؤلفة ومشركيها الذين لم يكونوا أسلموا. وإنما كانت هزيمتهم فجأة لانصبابهم عليهم دفعة واحدة، ورشقهم بالسهام. ولا ختلاط أهل مكة معهم ممن لم يستقر الإيمان في قلبه وممن يتربص بالمسلمين الدوائر. وفيهم نساء وصبيان خرجوا للغنيمة، فتقدم أخفاؤهم. فلما رشقوهم بالنبل ولوا فانقلبت أولاهم على أخراهم. إلى أن أنزل الله سكينته على المؤمنين، كما ذكر الله تعالى في القرآن. (والكفار) هكذا هو في النسخ، وهو بنصب الكفار. أي مع الكفار. (والدعوة في الأنصار) هي بفتح الدال. يعني الاستغاثة والمنادة إليهم. (هذا حين حمي الوطيس) قال الأكثرون: هو شبه تنور يسجر فيه. ويضرب مثلا لشدة الحرب التي يشبه حرها حره. وقد قال آخرون: الوطيس هو التنور نفسه. وقال ا لأصمعي: هي حجارة مدورة، إذا حميت لم يقدر أحد أن يطأ عليها، فيقال: الآن حمي الوطيس. وقيل: هو الضرب في الحرب. وقيل: هو الحرب الذي يطيس الناس، أي يدقهم. قالوا: وهذه اللفظة من فصيح الكلام وبديعه الذي لم يسمع من أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم. (فما زلت أرى حدهم كليلا) أي ما زلت أرى قوتهم ضعيفة.