للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٨٦) باب الترغيب في سكن الْمَدِينَةِ، وَالصَّبْرِ عَلَى لَأْوَائِهَا

٤٧٥ - (١٣٧٤) حدثنا حَمَّادُ بْنُ إسماعيل بن علية. حدثنا أبي عن وهب، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ؛ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ؛ أَنَّهُ أَصَابَهُمْ بِالْمَدِينَةِ جَهْدٌ وَشِدَّةٌ. وَأَنَّهُ أَتَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ. فقَالَ لَهُ:

إِنِّي كَثِيرُ الْعِيَالِ. وَقَدْ أَصَابَتْنَا شِدَّةٌ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَنْقُلَ عِيَالِي إِلَى بَعْضِ الرِّيفِ. فقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَا تَفْعَلِ. الْزَمِ الْمَدِينَةَ. فَإِنَّا خَرَجْنَا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ) حَتَّى قَدِمْنَا عُسْفَانَ. فَأَقَامَ بِهَا لَيَالِيَ. فقَالَ الناس: والله! ما نحن ههنا فِي شَيْءٍ. وَإِنَّ عِيَالَنَا لَخُلُوفٌ. مَا نَأْمَنُ عَلَيْهِمْ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: "مَا هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِكُمْ؟ (مَا أَدْرِي كَيْفَ قَالَ) وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ، أَوْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَقَدْ هَمَمْتُ أَوْ إِنْ شِئْتُمْ (لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَ) لَآمُرَنَّ بِنَاقَتِي تُرْحَلُ. ثُمَّ لَا أَحُلُّ لَهَا عُقْدَةً حَتَّى أَقْدَمَ الْمَدِينَةَ". وَقَالَ: "اللَّهُمَّ! إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ فَجَعَلَهَا حَرَمًا. وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ حَرَامًا مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا. أَنْ لَا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ. وَلَا يُحْمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ لقتال، ولا يخبط فِيهَا شَجَرَةٌ إِلَّا لِعَلْفٍ. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي صَاعَنْا. اللهم! اجعل لَنَا فِي مُدِّنَا. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي صَاعَنْا. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا. اللَّهُمَّ! بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا. اللَّهُمَّ! اجْعَلْ

⦗١٠٠٢⦘

مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! مَا مِنَ الْمَدِينَةِ شِعْبٌ وَلَا نَقْبٌ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا حَتَّى تَقْدَمُوا إِلَيْهَا". (ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ) "ارتحلوا" فارتحلنا. فأقبلنا إلى المدينة. فو الذي نَحْلِفُ بِهِ أَوْ يُحْلَفُ بِهِ! (الشَّكُّ مِنْ حَمَّادٍ) مَا وَضَعَنْا رِحَالَنَا حِينَ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ حَتَّى أَغَارَ عَلَيْنَا بَنُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غطفان. وما يهيجهم قبل ذلك شيء.


(الريف) قال أهل اللغة: الريف هو الأرض التي فيها زرع وخصب، وجمعه أرياف. ويقال: أريفنا، صرنا إلى الريف. وأرافت الأرض، أخصبت فهي ريفة. (وإن عيالنا لخلوف) أي ليس عندهم رجال ولا من يحميهم. (ترحل) أي يشد عليها رحلها. (ثُمَّ لَا أَحُلُّ لَهَا عُقْدَةً حَتَّى أَقْدَمَ المدينة) معناه أواصل السير ولا أحل عن راحلتي عقدة من عقد حملها ورحلها حتى أصل إلى المدينة، لمبالغتي في الأسراع إلى المدينة. (إني حرمت المدينة حراما) نصب على المصدر، إما لحرمت على غير لفظه كقوله تعالى: والله أنبتكم من الأرض نباتا، وما بين مأزميها بدل من المدينة، ويحتمل أن يكون حراما مفعول فعل محذوف، أي جعلت حراما ما بين مأزميها، وما بين مأزميها مفعولا ثانيا. (ما بين مأزميها) المأزم هو الجبل، وقيل المضيق بين الجبلين ونحوه، والأول هو الصواب هنا، ومعناه ما بين جبليها. (لعلف) هو بإسكان اللام، وهو مصدر علفت علفا. وأما العلف، بفتح اللام، فاسم للحشيش والتبن والشعير ونحوها. (شعب ولا نقب) قال أهل اللغة: الشعب هو الفرجة النافذة بين الجبلين. وقال ابن السكيت: هو الطريق في الجبل. والنقب هو مثل الشعب، وقيل هو الطريق في الجبل. قال الأخفش: أنقاب المدينة طرقها وفجاجها. (ما وضعنا رحالنا حين دخلنا المدينة. . الخ) معناه أن المدينة في حال غيبتهم عنها كانت محمبة محروسة. كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. حتى أن بني عبد الله بن غطفان أغاروا عليها حين قدمناه. ولم يكن، قبل ذلك، يمنعهم من الإغارة عليها مانع ظاهر، ولا كان لهم عدو يهيجهم ويشتغلون به. بل سبب منعهم، قبل قدومنا، حراسة الملائكة، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. (وما يهيجهم) قال أهل اللغة: يقال هاج الشر وهاجت الحرب وهاجها الناس، أي تحركت وحركوها. وهجت زيدا، حركته للأمر. كله ثلاثي.

<<  <  ج: ص:  >  >>