للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣١ - بَاب فَتْحِ مَكَّةَ

٨٤ - (١٧٨٠) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ. حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ:

وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ. وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. فَكَانَ يَصْنَعُ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ الطَّعَامَ. فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَنَا إِلَى رَحْلِهِ. فَقُلْتُ: أَلَا أَصْنَعُ طَعَامًا فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى رَحْلِي؟ فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ يُصْنَعُ. ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِيِّ. فَقُلْتُ: الدَّعْوَةُ عِنْدِي الليلة. فقال: سبقتني. قُلْتُ: نَعَمْ. فَدَعَوْتُهُمْ. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَلَا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ؟ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ! ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ فَقَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ. فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ. وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى. وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ. فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي. وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَةٍ. قَالَ: فَنَظَرَ فَرَآنِي. فَقَالَ (أَبُو هُرَيْرَةَ) قُلْتُ: لَبَّيْكَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ (لَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ).

زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ: فَقَالَ (اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ) قَالَ: فَأَطَافُوا بِهِ. وَوَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا وَأَتْبَاعًا. فَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ. فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ. وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأَتْبَاعِهِمْ) ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ، إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى. ثُمَّ قَالَ (حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا) قَالَ: فَانْطَلَقْنَا. فَمَا شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ. وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ

⦗١٤٠٦⦘

يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا. قَالَ: فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ. لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ. ثُمَّ قَالَ (مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ) فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ، بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الْوَحْيُ. وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا. فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ. فَلَمَّا انْقَضَى الْوَحْيُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ!) قَالُوا: لَبَّيْكَ. يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ (قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ). قَالُوا: قَدْ كَانَ ذَاكَ. قَالَ (كَلَّا. إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ. وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ. وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ). فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ! مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ) قَالَ: فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِي سُفْيَانَ. وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ. قَالَ: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حتى أقبل الْحَجَرِ. فَاسْتَلَمَهُ. ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ. قَالَ: فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ. قَالَ: وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْسٌ. وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ. فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ

⦗١٤٠٧⦘

يَطْعُنُهُ فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ (جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ). فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلَا عَلَيْهِ. حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ. وَرَفَعَ يَدَيْهِ. فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ.


(المجنبتين) هما الميمنة والميسرة، ويكون القلب بينهما.
(الحسر) أي الذين لا دروع لهم.
(فأخذوا بطن الوداي) أي جعلوا طريقهم في بطن الوادي.
(في كتيبة) الكتيبة القطعة العظيمة من الجيش.
(اهتف لي بالأنصار) أي صح بهم وادعهم لي.
(فأطافوا به) أي فجاءوا وأحاطوا به. وإنما خصهم لثقته بهم، ورفعا لمراتبهم، وإظهارا لجلالتهم وخصوصيتهم.
(ووبشت قريش أوباشا لها) أي جمعت جموعا من قبائل شتى.
(ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى) فيه إطلاق القول على الفعل. أي أشار إلى هيئتهم المجتمعة.
(فما شاء أحد منا .. الخ) أي لا يدفع أحد منهم عن نفسه.
(أبيحت خضراء قريش) كذا في هذه الرواية: أبيحت. وفي التي بعدها: أبيت. وهما متقاربتان. أي استؤصلت قريش بالقتل وأفنيت. وخضراؤهم بمعنى جماعتهم. ويعبر عن الجماعة المجتمعة بالسواد والخضرة. ومنه السواد الأعظم.
(فقالت الأنصار بعضهم لبعض) معنى هذا أنهم رأوا رأفة النبي صلى الله عليه وسلم بأهل مكة وكف القتل عنهم، فظنوا أنه يرجع إلى سكنى مكة والمقام فيها دائما، ويرحل عنهم ويهجر المدينة. فشق ذلك عليهم. فأوحى الله تعالى إليه صلى الله عليه وسلم فأعلمهم بذلك. فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: قلتم كذا وكذا. قالوا: نعم. قد قلنا هذا.
(كلا) معنى كلا، هنا، حقا. ولها معنيان أحدهما حقا والآخر النفي.
(هاجرت إلى الله وإليكم .. الخ) معناه أني هاجرت إلى الله تعالى وإلى دياركم لاستيطانها. فلا أتركها ولا أرجع عن هجرتي الواقعة لله تعالى. بل أنا ملازم لكم. المحيا محياكم والممات مماتكم. أي لا أحيا إلا عندكم ولا أموت إلا عندكم. فلما قال لهم هذا بكوا واعتذروا. وقالوا: والله! ما قلنا كلامنا السابق إلا حرصا عليك وعلى مصاحبتك ودوامك عندنا. لنستفيد منك ونتبرك بك وتهدينا الصراط المستقيم.
(إلا الضن) هو الشح.
(بسية القوس) أي بطرفها المنحني. قال في المصباح: هي خفيفة الياء ولا مها محذوفة. وترد في النسبة فيقال: سيوي. والهاء عوض عنها. ويقال لسيتها العليا يدها، ولسيتها السفلى رجلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>