قال حميد: فوصف لنا أبو رافع صفة أبي هريرة لصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه حين دعته. كيف جعلت كفها فوق حاجبها. ثم رفعت رأسها إليه تدعوه. فقالت: ياجريج! أنا أمك. كلمني. فصادفته يصلي. فقال: اللهم! أمي وصلاتي. فاختار صلاته. فرجعت ثم عادت في الثانية. فقالت: ياجريج! أنا أمك. فكلمني. قال: اللهم! أمي وصلاتي. فاختار صلاته. فقالت: اللهم! إن هذا جريج. وهو ابني. وإني كلمته فأبى أن يكلمني. اللهم! فلا تمته حتى تريه المومسات. قال: ولو دعت عليه أن يفتن لفتن.
قال: وكان راعي ضأن يأوي إلى ديره. قال فخرجت امرأة من القرية فوقع عليها الراعي. فحملت فولدت غلاما. فقيل لها: ما هذا؟ قالت: من صاحب هذا الدير. قال فجاءوا بفؤسهم ومساحيهم. فنادوه فصادفوه يصلي. فلم يكلمهم. قال فأخذوا يهدمون ديره. فلما رأى ذلك نزل إليهم. فقالوا له: سل هذه. قال فتبسم ثم مسح رأس الصبي فقال: من أبوك؟ قال: أبي راعي الضأن. فلما سمعوا ذلك منه قالوا: نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة. قال: لا. ولكن أعيدوه ترابا كما كان. ثم علاه.
(المومسات) أي الزواني البغايا المتجاهرات بذلك. والواحدة مومسة وتجمع مياميس أيضا. (ديره) الدير كنيسة منقطعة عن العمارة، تنقطع فيها رهبان النصارى لتعبدهم. وهو بمعنى الصومعة المذكورة في الرواية الأخرى. وهي نحو المنارة. ينقطعون فيها عن الوصول إليهم والدخول عليهم. (ومساحيهم) المساحي جمع مسحاة، وهي كالمجرفة، إلا أنها حديد.