أَنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (سَتَكُونُ أُمَرَاءُ. فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ. فَمَنْ عَرَفَ بَرِئَ. ومن نكر سَلِمَ. وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ) قَالُوا: أَفَلَا نقاتلهم؟ قال (لا. ما صلوا).
(ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون) هذا الحديث فيه معجزة ظاهرة بالإخبار بالمستقبل. ووقع ذلك كما أخبر صلى الله عليه وسلم. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: فمن عرف برئ، وفي الروايو التي بعدها: فمن كره فقد برئ. فأما رواية من روى: فمن كره فقد برئ فظاهرة. ومعناها من كره ذلك المنكر فقد برئ عن إثمه وعقوبته. وهذا في حق من لا يستطيع إنكاره بيده ولا لسانه فليكرهه بقلبه ويبرأ. وأما من روى: فمن عرف برئ، فمعناها، والله أعلم، فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته. بأن يغيره بيده أو بلسانه، فإن عجز فليكرهه بقلبه. وقوله: ولكن من رضى وتابع، معناه: ولكن الإثم والعقوبة على من رضى وتابع. وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر، لا يأثم بمجرد السكوت. بل إنما يأثم بالرضا به أو بأن لا يكرهه بقلبه أو بالمتابعة عليه. وأما قوله: ألا نقاتلهم قال: لا ما صلوا. ففيه معنى ما سبق أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق، ما لم يغيروا شيئا من قواعد الإسلام.