للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨ - بَاب الْإِمْدَادِ بِالْمَلَائِكَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَإِبَاحَةِ الْغَنَائِمِ

٥٨ - (١٧٦٣) حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عمر ابن الْخَطَّابِ. قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ. ح وحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ (وَاللَّفْظُ لَهُ). حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ. حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بن عَمَّارٍ. حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ (هُوَ سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ). حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ:

لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ،

⦗١٣٨٤⦘

نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا. فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ. ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ (اللَّهُمَّ! أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي. اللَّهُمَّ! آتِ مَا وَعَدْتَنِي. اللَّهُمَّ! إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ) فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ. فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ. فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ. ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ. وقال: يا نبي الله! كذاك مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ. فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [٨ / الأنفال /٩] فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ.

قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ. إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ. وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ. فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا. فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ.

⦗١٣٨٥⦘

فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ. فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. فقال (صدقت. ذلك مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ) فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ. وَأَسَرُوا سَبْعِينَ.

قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟) فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! هُمْ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ. أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً. فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ. فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَا تَرَى؟ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟) قُلْتُ: لا. والله! مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ. وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ. فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ. وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ (نَسِيبًا لِعُمَرَ) فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ. فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا. فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ. وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ. فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ. وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ. لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ) (شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يثخن في الأرض. إلى قوله: فكوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [٨ /الأنفال /٦٧ - ٦٩] فَأَحَلَّ اللَّهُ الغنيمة لهم.


(لما كان يوم بدر) اعلم أن بدرا هو موضع الغزوة العظمى المشهورة. وهو ماء معروف وقرية عامرة على نحو أربع مراحل من المدينة. بينها وبين مكة. قال ابن قتيبة: بدر بئر كانت لرجل يسمى بدرا. فسميت باسمه. وكانت غزوة بدر يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من رمضان في السنة الثانية للهجرة.
(فجعل يهتف بربه) معناه يصيح وستغيث بالله في الدعاء.
(أن تهلك) ضبطوا تهلك بفتح الهاء وضمها. فعلى الأول ترفع العصابة لأنها فاعل. وعلى الثاني تنصب وتكون مفعوله.
(العصابة) الجماعة.
(كذاك مناشدتك ربك) المناشدة السؤال. مأخوذة من النشيد وهو رفع الصوت. هكذا وقع لجماهير رواة مسلم: كذاك. ولبعضهم: كفاك. وكل بمعنى.
(مناشدتك) ضبطوها بالرفع، والنصب وهو الأشهر. قال القاضي: من رفعه جعله فاعلا بكفاك. ومن نصبه فعلى المفعول بما في كفاك وكذاك من معنى الفعل.
(ممدكم) أي معينكم. من الإمداد.
(مردفين) متتابعين.
(أقدم حيزوم) ضبطوه بوجهين: أصحهما وأشهرهما، لم يذكر ابن دريد وكثيرون أو الأكثرون غيره: أنه بهمزة قطع مفتوحة، وبكسر الدال. من الإقدام. قالوا: وهي كلمة زجر للفرس معلومة في كلامهم. والثاني بضم الدال وبهمزة وصل مضمومة، من التقدم. وحيزوم اسم فرس الملك، وهو منادى بحذف حرف النداء. أي يا حيزوم.
(فإذا هو قد خطم أنفه) الخطم الأثر على الأنف.
(وصناديدها) يعني أشرافها. الواحد صنديد. والضمير في صناديدها يعود على أئمة الكفر أو مكة.
(فهوى) أي أحب ذلك واستحسنه. يقال: هوى الشيء يهوي هوى. والهوى المحبة.
(ولم يهو ما قلت) هكذا هو في بعض النسخ: ولم يهو. وفي كثير منها: ولم يهوي، بالياء. وهي لغة قليلة بإثبات الياء مع الجازم. ومنه قراءة من قرأ: إنه من يتقي ويصبر، بالياء. ومنه قول الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمي
(حتى يثخن في الأرض) أي يكثر القتل والقهر في العدو.

<<  <  ج: ص:  >  >>