إلى قوله: إن تتوبا (لعائشة وحفصة)[٦٦ / التحريم / ٤] وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا (لقوله: بل شربت عسلا)[٦٦/التحريم/ ٣].
(فتواطيت) هكذا هو في النسخ: فتواطيت. وأصله تواطأت، بالهمز، أي اتفقت. (مغافير) هو جمع مغفور. وهو صمغ حلو كالناطف وله رائحة كريهة ينضحه الشجر يقال له: العرفط يكون بالحجاز. وقيل: إن العرفط نبات له ورقة عريضة تفترش على الأرض. له شوكة حجناء وثمرة بيضاء كالقطن. مثل زر القميص. خبيث الرائحة قال أهل اللغة: العرفط من شجر العضاه، وهو شجر له شوك. وقيل: رائحته كرائحة النبيذ. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن توجد منه رائحة كريهة. (لم تحرم ما أحل الله لك) هذا ظاهر أن الآية نزلت في سبب ترك العسل. وفي كتب الفقه إنها نزلت في تحريم مارية. قال القاضي: اختلف في سبب نزولها. فقالت عائشة: في قصة العسل. وعن زيد بن أسلم؛ أنها نزلت في تحريم مارية، جاريته، وحلفه أن لا يطأها. قال: ولا حجة فيه لمن أوجب بالتحريم كفارة محتجا بقوله تعالى: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم. لما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: والله! لا أطؤها. ثم قال: هي علي حرام. وروى مثل ذلك من حلفه على شربة العسل وتحريمه ذكره ابن المنذر. وفي رواية البخاري. لن أعود له. وقد حلفت أن لا تخبري بذلك أحدا. وقال الطحاوي: قال النبي صلى الله عليه وسلم، في شرب العسل: لن أعود إليه أبدا. ولم يذكر يمينا. لكن قوله تعالى؛ قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم - يوجب أن يكون قد كان هناك يمين. قلت: ويحتمل أن يكون معنى الآية؛ قد فرض الله عليكم في التحريم كفارة يمين وهكذا يقدره الشافعي وأصحابه وموافقوهم. قال القاضي؛ ذكر مسلم في حديث حجاج عن ابن جريج أن التي شرب عندها هي زينب وأن المتظاهرتين عليه عائشة وحفصة. وكذلك ثبت في حديث عمر بن الخطاب وابن عباس أن المتظاهرتين عائشة وحفصة، رضي الله عنهما. وذكر مسلم أيضا من رواية أبي أسامة عن هشام أن حفصة هي التي شرب العسل عندها وأن عائشة وسودة وصفية هن اللواتي تظاهرن عليه. قال: والأول أصح. قال النسائي؛ إسناد الحديث حجاج صحيح، جيد غاية، وقال الأصيلي؛ حديث حجاج أصح، وهو أولى بظاهر كتاب الله تعالى وأكمل فائدة يريد قوله تعالى: وإن تظاهرا عليه. فهما اثنتان لا ثلاث. وأنهما عائشة وحفصة، كما قال فيه. وكما اعترف به عمر رضي الله عنه وقد انقلبت الأسماء على الراوي في الرواية الأخرى. كما أن الصحيح في سبب نزول الآية إنها في قصة العسل، لا في قصة مارية، المروى في غير الصحيحين. ولم تأتي قصة مارية من طريق صحيح وقال النسائي: اسناد حديث عائشة في العسل جيد، صحيح غاية. هذا أخر كلام القاضي. ثم قال القاضي بعد هذا: الصواب أن شرب العسل كان عند زينب. (لعائشة وحفصة) يريد أن المراد باللتين تواطأتا، وحكى في الآية تظاهرهما على النبي صلى الله عليه وسلم هما الصديقة وحفصة رضي الله تعالى عنهما. (بل شربت عسلا) يريد أن المراد بالسر المحكى في الكتاب العزيز هو تحريمه صلى الله عليه وسلم العسل على نفسه. قال القاضي؛ فيه أختصار وتمامه: ولن أعود إليه، وقد حلفت أن لا تخبري بذلك أحدا. كما رواه البخاري.