وَيْحَكُمْ! أَتُرَوْنَ الشَّيْخَ يَكْذِبُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَرَجَعْنَا. فَلَا وَاللَّهِ! مَا خَرَجَ مِنَّا غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ. أَوْ كما قال أبو نعيم.
(رأي من رأي الخوارج) وهو أنهم يرون أن أصحاب الكبائر يخلدون في النار، ولا يخرج منها من دخلها. (ثم نخرج على الناس) أي مظهرين مذهب الخوارج وندعو إليه ونحث عليه. (زعم) زعم هنا بمعنى قال. (عيدان السماسم) هو جمع سمسم، وهو هذا السمسم المعروف الذي يستخرج منه السيرج. وفي النهاية: معناه، والله أعلم، أن السماسم جمع سمسم. وعيدانه تراها، إذا قلعت وتركت في الشمس ليؤخذ حبها، دقاقا سوداء كأنها محترقة. فشبه بها هؤلاء. قال: وطالما تطلبت هذه اللفظة وسألت عنها فلم أجد فيها شافيا. قال: وما أشبه أن تكون اللفظة محرفة، وربما كانت عيدان الساسم، وهو خشب أسود كالأبنوس اهـ. وأما القاضي عياض فقال: لا يعرف معنى السماسم هنا. قال: ولعل صوابه عيدان الساسم، وهو أشبه، وهو عود أسود، وقيل: هو الأبنوس. قال النووي: والمختار أنه السمسم. (كأنهم القراطيس) القراطيس جمع قرطاس، بكسر القاف وضمها، لغتان. وهو الصحيفة التي يكتب فيها. شبههم بالقراطيس لشدة بياضهم، بعد اغتسالهم وزوال ما كان عليهم من السواد. (أترون الشيخ يكذب) يعني بالشيخ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وهو استفهام إنكار وجحد. أي لا يظن به الكذب بلا شك. (فَرَجَعْنَا. فَلَا وَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَّا غَيْرُ رجل واحد) معناه رجعنا من حجنا ولم نتعرض لرأي الخوارج بل كففنا عنه وتبنا منه. إلا رجلا منا. فإنه لم يوافقنا في الانكفاف عنه. (أو كما قال) هذا أدب معروف من آداب الرواة. وهو أنه ينبغي للراوي إذا روى بالمعنى، أن يقول، عقب روايته: أو كما قال. احتياطا وخوفا من تغيير حصل.