للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٧٢ - (٢٣٨٠) حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "إِنَّهُ بَيْنَمَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، فِي قَوْمِهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ. وَأَيَّامُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَبَلَاؤُهُ. إِذْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا خَيْرًا أو أعلم مِنِّي. قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ. إِنِّي أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ مِنْهُ. أَوْ عِنْدَ مَنْ هُوَ. إِنَّ فِي الْأَرْضِ رَجُلًا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: يَا رَبِّ! فَدُلَّنِي عَلَيْهِ. قَالَ فَقِيلَ لَهُ: تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا. فَإِنَّهُ حَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ. قَالَ فَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ. فَعُمِّيَ عَلَيْهِ. فَانْطَلَقَ وَتَرَكَ فَتَاهُ. فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ. فَجَعَلَ لَا يَلْتَئِمُ عَلَيْهِ. صَارَ مِثْلَ الْكُوَّةِ. قَالَ فَقَالَ فَتَاهُ: أَلَا أَلْحَقُ نَبِيَّ اللَّهِ فَأُخْبِرَهُ؟ قَالَ فَنُسِّيَ. فَلَمَّا تَجَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. قَالَ وَلَمْ يُصِبْهُمْ نَصَبٌ حَتَّى

⦗١٨٥١⦘

تَجَاوَزَا. قَالَ فَتَذَكَّرَ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ. وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ. وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا. قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا. فَأَرَاهُ مكان الحوت. قال: ههنا وُصِفَ لِي. قَالَ فَذَهَبَ يَلْتَمِسُ فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ مُسَجًّى ثَوْبًا، مُسْتَلْقِيًا عَلَى الْقَفَا. أَوَ قَالَ عَلَى حَلَاوَةِ الْقَفَا. قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ قَالَ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ. من أنت؟ قال: مُوسَى. قَالَ: وَمَنْ مُوسَى؟ قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ: مَجِيءٌ مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جئت لتعلمني مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا. قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا. وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تحط به خبرا. شَيْءٌ أُمِرْتُ بِهِ أَنْ أَفْعَلَهُ إِذَا رَأَيْتَهُ لَمْ تَصْبِرْ. قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا. قَالَ: فَإِنِ اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا. فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا في السفينة خرقها. قَالَ: انْتَحَى عَلَيْهَا. قَالَ لَهُ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام: أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ معي صبرا؟ قال: لا تؤاخذني بما نسيت وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا. فَانْطَلَقَا حَتَّى إذا لقيا غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ. قَالَ فَانْطَلَقَ إِلَى أَحَدِهِمْ بَادِيَ الرَّأْيِ فَقَتَلَهُ. فَذُعِرَ عِنْدَهَا مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، ذعرة منكرة. قال: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شيئا نكرا". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عِنْدَ هَذَا الْمَكَانِ "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى. لَوْلَا أَنَّهُ عَجَّلَ لَرَأَى الْعَجَبَ. وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَمَامَةٌ. قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عن شيء بعدها فلا تصاحبني. قد بلغت من لدني عذرا. وَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى الْعَجَبَ. - قَالَ وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا

⦗١٨٥٢⦘

مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي كَذَا. رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا - "فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامًا فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ فَاسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا. فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا. فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ. قَالَ: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أجرا. قال: هذا فراق بيني وبينك وَأَخَذَ بِثَوْبِهِ. قَالَ: سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا. أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يعملون في البحر. إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. فَإِذَا جَاءَ الَّذِي يُسَخِّرُهَا وجدها منخرقة فتجاوزها فأصلحوا بخشبة. وأما الغلام فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا. وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا عَلَيْهِ. فَلَوْ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا. فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا. وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يتيمين في المدينة وكان تحته". إلى آخر الآية.


(الكوة) بفتح الكاف، ويقال بضمها. وهي الطاق. (على حلاوة القفا) هي وسط القفا. ومعناه لم يمل إلى أحد جانبيه. وهي بضم الحاء وفتحها وكسرها. أفصحها الضم. (مجيء ما جاء بك) قال القاضي: ضبطناه مجيء مرفوع غير منون عن بعضهم وعن بعضهم منونا قال: وهو أظهر. أي أمر عظيم جاء بك. (انتحى عليها) أي اعتمد على السفينة وقصد خرقها. (بادي الرأي) بالهمز وتركه. فمن همزه معناه أول الرأي وابتداؤه. أي انطلق إليه مسارعا إلى قتله من غير فكر. ولم يهمز فمعناه ظهر له رأي في قتله. من البداء. وهو ظهور رأي لم يكن. قال القاضي. ويمد البداء ويقصر. (أخذته من صاحبه ذمامة) أي حياء واشفاق من الذم واللوم. (أرهقهما طغيانا وكفرا) أي حملهما عليهما وألحقهما بهما. والمراد بالطغيان، هنا، الزيادة في الضلال. (خيرا منه زكاة وأقرب رحما) قيل: المراد بالزكاة الإسلام. وقيل الصلاح. وأما الرحم فقيل معناه الرحمة لوالديه وبرهما. وقيل المراد يرحمانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>