للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٧ - (٢٧٥٧) حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ. حَدَّثَنَا أبي. حدثنا شعبة عن قتادة. سمع عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الْغَافِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سعيد الخدري يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛

"أن رجلا فيمن كان قبلكم. راشه الله مالا وولدا. فقال لولده: لتفعلن ما آمركم به. أو لأولين ميراثي غيركم. إذا أنا مت، فأحرقوني (وأكثر علمي أنه قال) ثم إسحاقوني. واذروني في الريح. فإني لم أبتهر عند الله خيرا، وإن الله يقدر على أن يعذبني. قال فأخذ منهم ميثاقا. ففعلوا ذلك به. وربي! فقال الله: ما حملك على ما فعلت؟ فقال: مخافتك. قال فما تلافاه غيرها".


(راشه مالا وولدا) هذه اللفظة رويت بوجهين في صحيح مسلم. أحدهما راشه، والثاني رأسه. قال القاضي: والأول هو الصواب، وهو رواية الجمهور. ومعناه أعطاه الله مالا وولدا. قال ولا وجه للمهملة هنا. (لم أبتهر) كذا هو في أكثر النسخ: لم أبتهر. وفي بعضها أبتئر. وكلاهما صحيح. والهاء مبدلة من الهمزة. ومعناها لم أقدم خيرا ولم أدخره. وقد فسرها قتادة في الكتاب. (وإن الله يقدر على أن يعذبني) هكذا هو في معظم النسخ في بلادنا. ونقل اتفاق الرواة والنسخ عليه هكذا بتكرير إن. وسقطت لفظة إن الثانية في بعض النسخ المعتمدة. فعلى هذا تكون إن الأولى شرطية. وتقديره: إن قدر الله علي عذبني. وهو موافق للرواية السابقة. وأما على رواية الجمهور وهي إثبات إن الثانية مع الأولى فاختلف في تقديره. فقال القاضي: هذا الكلام فيه تلفيق. قال فإن أخذ على ظاهره ونصب اسم الله وجعل يقدر في موضع خبر إن، استقام اللفظ وصح المعنى. لكنه يصير مخالفا لما سبق من كلامه الذي ظاهره الشك في القدرة. قال: وقال بعضهم: صوابه حذف إن الثانية وتخفيف الأولى ورفع اسم الله تعالى. وكذا ضبطناه عن بعضهم. هذا كلام القاضي. وقيل هو على ظاهره بإثبات إن في الموضعين والأولى مشددة. ومعناه إن الله قادر على أن يعذبني ويكون هذا على قول من تأويل الرواية الأولى على أنه أراد بقدر ضيق، أو غيره. مما ليس فيه نفي حقيقة القدرة. ويجوز أن يكون على ظاهره كما ذكر هذا القائل. لكن يكون قوله هنا معناه إن الله قادر على أن يعذبني إن دفنتموني بهيئتي. وأما إن سحقتموني وذريتموني في البر والبحر فلا يقدر علي. ويكون جوابه كما سبق. (ففعلوا ذلك به وربي) هكذا هو في جميع نسخ صحيح مسلم. وربي. على القسم. ونقل القاضي عياض رحمه الله الاتفاق عليه أيضا في كتاب مسلم. قال: وهو على القسم من المخبر بذلك عنهم لتصحيح خبره. وفي صحيح البخاري: فأخذ منهم ميثاقا وربي! ففعلوا ذلك به. قال بعضهم: وهو الصواب. قال القاضي. بل هما متقاربان في المعنى والقسم. (تلافاه غيرها) أي ما تداركه. والتاء فيه زائدة. والتلافي تدارك شيء بعد أن فات.

<<  <  ج: ص:  >  >>