(٣٠١٠) - سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم. حتى إذا كانت عشيشة ودنونا ماء من مياه العرب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من رجل يتقدمنا فيمدر الحوض فيشؤب ويسقينا؟ " قال جابر: فقمت فقلت: هذا رجل، يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم "أي رجل مع جابر؟ " فقام جبار بن صخر. فانطلقنا إلى البئر. فنزعنا في الحوض سجلا أو سجلين. ثم مدرناه. ثم نزعنا فيه حتى أفهقناه. فكان أول طالع عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فقال "أتأذن؟ " قلنا: نعم. يا رسول الله! فأشرع ناقته فشربت. شنق لها فشجت فبالت. ثم عدل بها فأناخها. ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إلى الحوض فتوضأ منه. ثم قمت فتوضأت من متوضإ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذهب جبار بن صخر يقضي حاجته. فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليصلي. وكانت علي بردة ذهبت أن أخالف بين طرفيها فلم تبلغ لي. وكانت لها ذباذب فنكستها ثم خالفت بين طرفيها. ثم تواقصت عليها. ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه. ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ. ثم جاء فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
⦗٢٣٠٦⦘
فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدنا جميعا. فدفعنا حتى أقامنا خلفه. فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمقني وأنا لا أشعر. ثم فطنت به. فقال هكذا، بيده. يعني شد وسطك. فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال "يا جابر! " قلت: لبيك. يا رسول الله! قال "إذا كان واسعا فخالف بين طرفيه. وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك".
(عشيشة) قال سيبويه: صغروها على غير تكبيرها. وكان أصلها عشية، فأبدلوا إحدى الياءين شينا. (فيمدر الحوض) أي يطينه ويصلحه. (فنزعنا في الحوض سجلا) أي أخذنا وجبلنا. والسجل الدلو المملوءة. (حتى أفهقناه) هكذا هو في نسخنا. وكذا ذكره القاضي عن الجمهور: ومعناه ملأناه. (شنق لها) يقال: شنقها وأشنقها. أي كففتها بزمامها وأنت راكبها. قال ابن دريد: هو أن تجذب زمامها حتى تقارب رأسها قادمة الرحل. (فشجت) يقال: فشج البعير إذا فرج بين رجليه للبول. وفشج أشد من فشج. قاله الأزهري وغيره. هذا الذي ذكرناه من ضبطه هو الصحيح الموجود في عامة النسخ. وهو الذي ذكره الخطابي والهروي وغيرهما من أهل الغريب. (ذباذب) أي أهداب وأطراف. واحدها ذبذب. سميت بذلك لأنها تتذبذب على صاحبها إذا مشى. أي تتحرك وتضطرب. (فنكستها) بتخفيف الكاف وتشديدها. قال في المصباح: نكسته نكسا، من باب قتل، قلبته. ومنه قيل ولد منكوس، إذا خرج رجلاه قبل رأسه. (تواقصت عليها) أي أمسكت عليها بعنقي وحنيته عليها لئلا تسقط. (يرمقني) أي ينظر إلي نظرا متتابعا. (فاشدده على حقوك) هو بفتح الحاء وكسرها. وهو معقد الإزار. والمراد هنا أن يبلغ السرة.