للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤ - (١٧) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ. وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَة. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا غندور، عَنْ شُعْبَةَ. وقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ؛ قَالَ:

كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ يَدَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَبَيْنَ النَّاسِ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ تَسْأَلُهُ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ. فَقَالَ: إِنَّ وفدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ الْوَفْدُ؟ أَوْ مَنِ الْقَوْمُ؟ " قَالُوا:

رَبِيعَةُ، قَالَ: "مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ. أَوْ بِالْوَفْدِ. غَيْرَ خَزَايَا وَلَا النَّدَامَى". قَالَ: فَقَالُوا:

⦗٤٨⦘

يَا رسول الله! إنا نأتيك بشقة بَعِيدَةٍ. وَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ. وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرِ الْحَرَامِ. فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرْ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ. قَالَ: فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ. قَالَ: أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ. وَقَالَ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: "شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسول الله. وإقام الصلاة. وإيتاء الزَّكَاةِ. وَصَوْمُ رَمَضَانَ. وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُسًا مِنَ الْمَغْنَمِ" وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ. قَالَ شُعْبَةُ: وَرُبَّمَا قَالَ: النَّقِيرِ. قَالَ شُعْبَةُ: وَرُبَّمَا قَالَ: الْمُقَيَّرِ. وَقَالَ: "احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوا بِهِ مِنْ وَرَائِكُمْ". وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ "مَنْ ورائكم" وليس في روايته المقير.


(كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ يَدَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ الناس) كذا هو في الأصول. وتقديره: بينا يدي ابن عباس، بينه وبين الناس. فحذف لفظة بينه لدلالة الكلام عليها. ويجوز أن يكون المراد: بين ابن عباس وابن عباس. وأما معنى الترجمة فهو التعبير عن لغة بلغة قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمة الله تعالى: وعندي أنه كان يبلغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس. إما من زحام منع من سماعه فأسمعه. وأما لاختصار منع من فهمه فأفهمهم، أو نحو ذلك. قال: وإطلاقه لفظ الناس يشعر بهذا: قال: وليست الترجمة مخصوصة بتفسير لغة بلغة أخرى، فقد أطلقوا على قولهم: باب كذا اسم الترجمة. لكونه يعبر عما يذكره بعده. هذا كلام الشيخ والظاهر أن معناه أنه يفهمهم عنه ويفهمه عنهم. (نبيذ الجر) الجر اسم جمع. الواحدة جرة. ويجمع أيضا على جرار. وهو هذا الفخار المعروف. (مرحبا بالقوم) منصوب على المصدر. استعملته العرب وأكثرت منه. تريد به البر وحسن اللقاء. ومعناه صادفت رحبا وسعة. (غير خزايا ولا الندامى) هكذا هو في الأصول. الندامى بالألف واللام. وخزايا بحذفها والرواية فيه بنصب الراء في غير على الحال. وأما الخزايا فجمع خزيان. كحيران وحيارى. وسكران وسكارى. والخزيان المستحي. وقيل الذليل المهان. وأما الندامى، فقيل إنه جمع ندمان بمعنى نادم. وهي لغة في نادم. حكاها القزاز صاحب جامع اللغة، والجوهري في صحاحه. وعلى هذا هو على بابه. وقيل هو جمع نادم أتباعا للخزايا. وكان الأصل نادمين. فأتبع لخزايا تحسينا للكلام. وهذا الاتباع كثير في كلام العرب، وهو من فصيحه. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "اِرجعن مأزورات، غير مأجورات". وأما معناه فالمقصود أنه لم يكن منكم تأخر عن الإسلام ولا عناد. ولا أصابكم أسر ولا سباء. ولا ما أشبه ذلك مما تستحيون بسببه أو تذلون أو تهانون أو تندمون. (من شقة بعيدة) الشقة بضم الشين وكسرها، لغتان مشهورتان. أشهرهما وأفصحهما الضم. وهي التي جاء بها القرآن ن العزيز والشقة السفر البعيد. وسميت شقة لأنها تشق على الإنسان. وقيل: هي المسافة. وقيل: الغاية التي يخرج الإنسان إليها فعلى القول الأول، يكون قولهم: بعيدة، مبالغة في بعدها. (بأمر فصل) قال الخطابي وغيره: هو البيان الواضح الذي ينفصل به المراد ولا يشكل.

<<  <  ج: ص:  >  >>