عثمان. قال ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة أبي ذر رضي الله عنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات أبو بكر خرج إلى الشام فكان فيه حتى وقع بينه وبين معاوية فاستقدمه عثمان إلى المدينة. وأما عقبة بن عامر فإِنه كان مشغولاً بالجهاد وقدم المدينة حين فتحت دمشق وكان هو البريد إلى عمر رضي الله عنه بفتحها. ولم يذكر عنه أنه قدم المدينة بعد ذلك في زمان عمر رضي الله عنه. فما ذكر في هذا الأثر أن عمر رضي الله عنه أمرهم بالقدوم إلى المدينة وأنه أمرهم بالإِقامة عنده ما عاش وأنهم لم يفارقوه حتى مات. كل ذلك لا أصل له فلا يغتر به.
الوجه الثاني عشر أن الذهبي ذكر في تذكرة الحفاظ عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أن عمر رضي الله عنه حبس ثلاثة ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري فقال قد أكثرتم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذه الرواية تخالف رواية ابن عساكر لأن فيها أن عمر رضي الله عنه أنكر على عبد الله بن حذيفة وأبي الدرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر إفشاءهم للأحاديث وأمرهم بالإِقامة عنده, وفي هذه الرواية أنه أنكر على ابن مسعود وأبي الدرداء وأبي مسعود الأنصاري رضي الله عنهم في إكثارهم للحديث وأنه حبسهم, وهذا يدل دلالة واضحة على أن هذا الأثر غير محفوظ.
وأما ما نقله المؤلف عن تذكرة الحفاظ فالجواب عنه من وجوه أحدها أن يقال إن هذه الرواية مرسلة على القول الراجح الذي تقدم ذكره في أول الجواب عن الأثر الذي رواه ابن عساكر. والمرسل ليس بحجة, قال الهيثمي في مجمع الزوائد هذا أثر منقطع ولا يصح هذا عن عمر انتهى, وقد ذكر ابن حزم هذا الأثر في كتاب الأحكام وفيه أن عمر رضي الله عنه حبس ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا ذر, وهذه الرواية تخالف ما جاء في تذكرة الحفاظ لأنه ذكر فيها أبا ذر وذكر في تذكرة الحفاظ بدلاً عنه أبا مسعود. وهذا الاضطراب يدل على أن الأثر موضوع. قال ابن حزم بعد إيراده «مرسل ومشكوك فيه ثم هو في نفسه ظاهر الكذب والتوليد» انتهى.
الوجه الثاني أن المؤلف زاد في هذا الأثر زيادة من عنده وهي قوله «وكان حبسهم في المدينة حتى أطلقهم عثمان» وهذه الزيادة ليست في تذكرة الحفاظ وإنما زادها المؤلف من كيسه ليؤيد بها مذهبه الخبيث في معارضة الأحاديث الصحيحة