بِبَنِي هَاشِمٍ بَلْ أَرَادَ بَيَانَ وَجْهِ إطْلَاقِ الِاخْتِصَاصِ وَأَنَّهُ لِهَذَا السَّبَبِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِاخْتِصَاصِهِمْ بِهَذَا الْحُكْمِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ أَرَادَ تَكْثِيرَ الْخَيْلِ فِي بَنِي هَاشِمٍ لِقِلَّتِهَا فَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ فِي قِلَّتِهَا كَانُوا مِثْلَهُمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْهُمْ كَانُوا أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ أَوْ مِثْلَهُمْ.
وَلِهَذَا لَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُ قَالَ يَخْتَصُّ هَذَا الْحُكْمُ بِبَنِي هَاشِمٍ، وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا وَأَمْثَالَهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلتَّعَلُّقِ بِهَذَا فِي صَرْفِ دَلَالَةِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَالْعُدُولِ عَنْهَا، فَعَلَى هَذَا ظَاهِرُ مَا سَبَقَ عَنْ إمَامِنَا وَأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - اخْتِصَاصُ الْكَرَاهَةِ بِإِنْزَاءِ الْحَمِيرِ عَلَى الْخَيْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، وَلَا يُقَالُ عَدُّوا الْحُكْمَ نَظَرًا إلَى عَدَمِ النَّسْلِ، وَالنَّمَاءِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ سَبَقَتْ أَوْصَافٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّارِعُ قَدْ رَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَى مَجْمُوعِهَا، وَالْحُكْمُ الْمُرَتَّبُ عَلَى أَوْصَافٍ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِمَجْمُوعِهَا فَلَا تَصِحُّ التَّعْدِيَةُ.
، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ نَظَرًا إلَى عَدَمِ النَّمَاءِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ أَوْ مُعْظَمُهُ،، وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَاتِ الْمُتَوَلِّدَةَ مِنْ جِنْسَيْنِ أَخْبَثُ طَبْعًا مِنْ أُصُولِهَا الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْهَا كَمَا مَعْرُوفٌ مِنْ الْبِغَالِ وَغَيْرِهَا فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ مِنْ مُلَابَسَتِهِ وَاقْتِنَائِهِ تَعَبٌ وَمَشَقَّةٌ لَا تَحْصُلُ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَهَذَا مَعْنًى مُنَاسِبٌ لِعَدَمِ فِعْلِهِ وَيَصْلُحُ ذِكْرُهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْأَخْبَارُ خَرَجَتْ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ أَوْ جَوَابًا لِسُؤَالٍ وَيَكُونُ الْمُرَادُ صِيَانَةَ الْخَيْلِ عَنْ مُزَاوَجَةِ الْحُمُرِ وَحِفْظِ مَائِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْفَضَائِلِ، وَالْمَنَافِعِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - إلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِنْزَاءِ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ، وَالْخَيْلِ عَلَى الْحُمُرِ وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ وَقَالَ عَنْ إنْزَاءِ الْخَيْلِ عَلَى الْحُمُرُ يُحْتَمَل أَنْ لَا يَكُونَ دَاخِلًا فِي النَّهْيِ إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ مُتَأَوِّلٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ صِيَانَةُ الْخَيْلِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: ٨] .
ذَكَرَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ فَدَلَّ عَلَى إبَاحَةِ أَسْبَابِ اتِّخَاذِ هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute