{لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: ٨] قَالَ الْقَاضِي أَيْ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّ شُكْرِهِ.
وَقَالَ أَبُو زَكَرِيَّا النَّوَاوِيُّ سُؤَالُ تَعْدَادِ النِّعَمِ وَإِعْلَامٍ بِالِامْتِنَانِ بِهَا لَا سُؤَالُ تَوْبِيخٍ وَمُحَاسَبَةٍ، وَقَوْلُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ إنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ الْمُبَاحِ رَأْسًا جَهْلٌ كَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ فِعْلِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَطَرِيقِهِ فَمَنْ اتَّخَذَ طَرِيقًا إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ خِلَافَ طَرِيقِهِ فَإِنَّمَا يَرُومُ ذَلِكَ وَيَظُنُّ أَنَّهَا أَوْصَلُ إلَى الْمَقْصُودِ وَأَبْلَغُ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ لَا سِيَّمَا مَعَ شِدَّةِ طَرِيقِهِ وَضِيقِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ الْجَهْلِ، وَالضَّلَالِ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو شَامَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْبَاعِثِ عَلَى إنْكَارِ الْبِدَعِ، وَالْحَوَادِثِ مَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ مِنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْجَامِعِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ مِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ قَالَ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْرَمَ فَقَالَ الرَّجُلُ فَإِنِّي أَوْ فَإِنْ أَحْرَمْت مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ قَالَ مَالِكٌ لَا أَرَى ذَلِكَ، فَقَالَ مَا تَكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ أَكْرَهُ عَلَيْك الْفِتْنَةَ قَالَ وَأَيُّ فِتْنَةٍ فِي ازْدِيَادِ الْخَيْرِ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣] .
وَأَيُّ فِتْنَةٍ أَكْبَرُ مِنْ أَنَّك خُصِصْتَ بِفِعْلٍ لَمْ يُخْصَصْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ قَالَ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا قَالَ فَإِنْ زِدْتُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فَلَا تَفْعَلْ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْك الْفِتْنَةَ قَالَ وَمَا فِي هَذَا مِنْ الْفِتْنَةِ إنَّمَا هِيَ أَمْيَالٌ أَزِيدُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute