للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣] .

قَالَ وَأَيُّ فِتْنَةٍ فِي هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَيُّ فِتْنَةٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تَرَيْ اخْتِيَارَك لِنَفْسِك خَيْرًا مِنْ اخْتِيَارِ اللَّهِ تَعَالَى وَاخْتِيَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا، لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَآكُلُ اللَّحْمَ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» . وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ قَالَهَا ثَلَاثًا»

وَهُمْ الْمُبَالِغُونَ فِي الْأُمُورِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ وَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ الصُّلَحَاءِ أَنَّهُ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يَضَعَ جَنْبَهُ إلَى الْأَرْضِ مَا بَقِيَ فِي الدُّنْيَا وَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَوَفَّى بِذَلِكَ.

وَعَنْ دَاوُد الطَّائِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَسَفُّ السَّوِيقَ لِئَلَّا يَشْتَغِلُ بِمَضْغِ الْخُبْزِ وَغَيْرِهِ عَنْ الذِّكْرِ، وَعَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْعُبَّادِ مَعْنَى هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ عَنْ عَابِدٍ عَالِمٍ، وَعَابِدٌ جَاهِلٌ لَا عِبْرَةَ بِرَأْيِهِ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَحْجُوجٌ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْكَلَامَ الْمَشْهُورَ: كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ إلَّا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي صَيْدِ الْخَاطِرِ بَعْضَ ذَلِكَ وَغَيْرَهُ عَنْ بَعْضِ الْعُبَّادِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَالَ وَلَعَمْرِي إنَّ هَذِهِ خَيْرَاتٌ وَلَكِنْ عَلَيْك بِالْجَادَّةِ طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

أَوْ كَمَا قَالَ، وَأَمَّا إنْ أَسْرَفَ فِي تَنَاوُلِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>