فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ التَّبْذِيرَ وَالْإِسْرَافَ مَا أَخْرَجَهُ فِي الْحَرَامِ لِقَوْلِهِ: لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا لُقْمَةٌ فَوَضَعَهَا فِي فِي أَخِيهِ لَمْ يَكُنْ إسْرَافًا.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى إنْ لَمْ يَخَفْ الْفَقْرَ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفًا، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ السَّرَفِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّبْذِيرِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنْفَاقُ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقٍّ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ.
(وَالثَّانِي) الْإِسْرَافُ الْمُتْلِفُ الْمَالَ {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: ٢٧] .
يُوَافِقُونَهُمْ فِيمَا يَدْعُونَهُمْ إلَيْهِ وَيُشَاكِلُونَهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: ٢٧] أَيْ جَاحِدًا لِنِعَمِهِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهَذَا يَتَضَمَّنُ أَنَّ الْمُسْرِفَ كَفُورٌ لِلنِّعَمِ وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ التَّبْذِيرَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِي حَرَامٍ أَوْ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْفِقْهِ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَسَبَقَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّ الْإِسْرَافَ فِي الْمُبَاحَاتِ مُحَرَّمٌ وَقَدْ يُحْتَجُّ لِعَدَمِ التَّحْرِيمِ بِعُمُومِ الْقُرْآنِ وَإِطْلَاقِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى السَّبَبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢] .
وَكَقَوْلِهِ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] . وَبِأَنَّهُ إجْمَاعٌ سَابِقٌ فِي الْبِنَاءِ وَالْعِمَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ حَزْمٍ فَهَذَا أَوْلَى، وَمِنْ قَالَ بِخِلَافِ ذَلِكَ يَحْتَجُّ بِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute