الْكِسَائِيّ، فَأَتَى جَعْفَرَ بْنَ يَحْيَى وَالْفَضْلَ بْنَ يَحْيَى فَقَالَ: أَنَا وَلِيُّكُمَا وَصَاحِبُكُمَا، وَهَذَا الرَّجُلُ قَدْ قَدِمَ لِيُذْهِبَ مَحَلِّي، قَالَا فَاحْتَمِلْ لِنَفْسِك فَسَنَجْمَعُ بَيْنَكُمَا، فَجُمِعَا عِنْدَ الْبَرَامِكَةِ وَحَضَرَ سِيبَوَيْهِ وَحْدَهُ، وَحَضَرَ الْكِسَائِيُّ وَمَعَهُ الْفَرَّاءُ وَعَلِيٌّ الْأَحْمَرُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَسَأَلُوهُ كَيْفَ تَقُولُ: كُنْت أَظُنُّ أَنَّ الْعَقْرَبَ أَشَدُّ لَسْعَةً مِنْ الزُّنْبُورِ، فَإِذَا هُوَ هِيَ أَوْ هُوَ إيَّاهَا؟
فَقَالَ: أَقُولُ: فَإِذَا هُوَ هِيَ، فَقَالَ لَهُ: أَخْطَأْت وَلَحَنْت، فَقَالَ يَحْيَى: هَذَا مَوْضِعٌ مُشْكِلٌ فَمَنْ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ؟ قَالُوا: هَؤُلَاءِ الْأَعْرَابُ بِالْبَابِ، فَأُدْخِلَ أَبُو الْجَرَّاحِ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ فَسُئِلُوا فَقَالُوا نَقُولُ: فَإِذَا هُوَ إيَّاهَا فَانْصَرَمَ الْمَجْلِسُ عَلَى أَنَّ سِيبَوَيْهِ قَدْ أَخْطَأَ وَحُكِمَ عَلَيْهِ، فَأَعْطَاهُ الْبَرَامِكَةُ وَأُخِذَ لَهُ مِنْ الرَّشِيدِ وَبُعِثَ بِهِ إلَى بَلْدَةٍ فَيُقَالُ: إنَّهُ مَا لَبِثَ إلَّا يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ كَمَدًا قَالَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ: وَأَصْحَابُ سِيبَوَيْهِ إلَى هَذِهِ الْغَايَةِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْجَوَابَ عَلَى مَا قَالَ سِيبَوَيْهِ، وَهُوَ فَإِذَا هُوَ هِيَ وَهَذَا مَوْضِعُ الرَّفْعِ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَمَّا ابْنُ السِّكِّيتِ فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ النَّحْوِيُّ قَالَ قَالَ لِي يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ: أُرِيدُ أُشَاوِرُك فِي شَيْءٍ قُلْت: قُلْ قَالَ: إنَّ الْمُتَوَكِّلَ قَدْ أَدْنَانِي وَقَرَّبَنِي وَنَدَبَنِي إلَى مُنَادَمَتِهِ فَمَا تَرَى؟ قُلْت: لَا تَفْعَلْ وَكَرِهْت لَهُ النِّهَايَةَ، فَدَافَعَ بِهِ يَعْقُوبُ ثُمَّ تَطَلَّعَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ فَشَاوَرَنِي، فَقُلْت: يَا أَخِي أُحَذِّرُك عَلَى نَفْسِك، فَإِنَّهُ سُلْطَانٌ وَأَكْرَهُ أَنْ تَزِلَّ بِشَيْءٍ، فَحَمَلَهُ حُبُّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ خَالَفَنِي فَقَتَلَهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ لِشَيْءٍ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِي أَمْرِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَكَانَ أَوَّلُهُ مِزَاحًا وَكَانَ ابْنُ السِّكِّيتِ يَتَشَيَّعُ فَقَتَلَهُ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمِنْ النَّحْوِيِّينَ مَنْ قَرُبَ مِنْ السَّلَاطِينِ فَحَظِيَ عِنْدَهُمْ، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ: أَقَامَ الْكِسَائِيُّ بِالْبَصْرَةِ عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ رَحَلَ إلَى الْكُوفَةِ، فَأَخَذَ عَنْ أَعْرَابٍ لَيْسُوا بِفُصَحَاءَ فَأَفْسَدَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، فَقَدْ صَارَ النَّحْوُ كُلُّهُ مِنْ الْبَصْرَةِ؛ لِأَنَّ الْكِسَائِيَّ مِنْهُمْ تَعَلَّمَ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَى الْأَخْفَشِ كِتَابَ سِيبَوَيْهِ، وَيُحْكَى أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute