وما جاءت به الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين لهم بإحسان وغيرهم من أئمة المسلمين كالحديث الذي رواه أحمد في مسنده وكتبه إلى المتوكل في رسالته التي أرسل بها إليه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه» يعني القرآن، وفي لفظ «بأحبّ إليه مما خرج منه»، وقول أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لما سمع كلام مسيلمة: إن هذا كلام لم يخرج من إلّ. أي من رب. وقول ابن عباس لما سمع قائلا يقول لميت لما وُضع في لحده: اللهم رب القرآن اغفر له. فالتفت إليه ابن عباس فقال: مه القرآن كلام الله ليس بمربوب، منه خرج وإليه يعود. وهذا الكلام معروف عن ابن عباس.
وقول السلف: القرآن كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود -كما استفاضت الآثار عنهم بذلك كما هو مذكور عنهم في الكتب المنقولة عنهم بالأسانيد المشهورة - لا يدل على أن الكلام يفارق المتكلم ويتنقل إلى غيره، ولكن هذا دليل على أن الله هو المتكلّم بالقرآن، ومنه سُمع لا أنه خلقه في غيره كما فسّره بذلك أحمد وغيره من الأئمة" (١).
(١) العقيدة الأصفهانية (ص:٢٠ - ٢١) تحقيق: إبراهيم سعيداي، مكتبة الرشد - الرياض، ط/الأولى، ١٤١٥ هـ.