وقال أيضًا:"هذا القرآن الذي نقرؤه ونبلغه ونسمعه هو كلام الله الذي تكلم به، ونزل به منه روح القدس ... وهذا الكلام صفة الله تعالى.
وأما ما اختص قيامه بنا من حركاتنا وأصواتنا وفهمنا وغير ذلك من صفاتنا فلم يقم منه شيء بذات الله سبحانه، كما أن ما اختص الرب تعالى بقيامه به لم ينتقل عنه ولم يقم بغيره لا هو ولا مثله، فإن المخلوق إذا سمع من المخلوق كلامه وبلّغه عنه كان ما بلغه هو كلامه كما تقدم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نضّر الله امرأ سمع منا حديثًا فبلّغه كما سمعه»، مع أن ما قام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بباطنه من العلم والإرادة وغيرهما، وبظاهره من الحركة والصوت وغيرهما - لم ينتقل عنه ولم يقم بغيره، بل جميع صفات المخلوقين لا تفارق ذواتهم وتنتقل عنهم، فكيف يجوز أن يقال: إن صفة الخالق فارقت ذاته فانتقلت عنه؟! " (١).
وقال أيضًا: "ولو تُرك الناس على فطرتهم لكانت صحيحة سليمة، فإذا رأى الناس كلامًا صحيحًا، فإن من تكلم بكلام وسُمع منه ونُقل عنه أو كتبه في كتاب لا يقول عاقل: إن نفس ما قام بالمتكلم من المعاني التي في قلبه والألفاظ القائمة بلسانه فارقته وانتقلت عنه إلى المستمع والمبلّغ عنه، ولا فارقته وحلّت في الورق، بل ولا يقول: إن نفس ما قام به من المعاني والألفاظ هو نفس المداد الذي في الورق، بل ولا يقول: إن نفس ألفاظه التي هي أصواته هي أصوات المبلّغ عنه.